فلم تكن أمارة إلا بموجب الجهل والظلم، فلولا فضل الله ورحمته على المؤمنين ما زكت منهم نفس واحدة.
إن من نظر إلى محل الجناية ومصدرها وهو النفس الأمارة بالسوء أفاده نظره إليها أموراً منها:
أن يعرف أنها جاهلة ظالمة وأن الجهل والظلم يصدر عنهما كل قول وعمل قبيح.
ومَن وَصْفُه الجهل والظلم لا مطمع في استقامته واعتداله البتة فيوجب له ذلك بذل الجهد في العلم النافع الذي يخرجها به عن وصف الجهل والعمل الصالح الذي يخرجها به عن وصف الظلم ومع هذا فجهلها أكثر من علمها وظلمها أعظم من عدلها.
فحقيق بمن هذا شأنه أن يرغب إلى خالقها وفاطرها أن يقيه شرها وأن يؤتيها تقواها ويزكيها فهو خير من زكاها فإنه ربها ومولاها وأن لا يَكِلَه إليها طرفة عين فإنه إن وَكَلَهُ إليها هلك، فما هلك من هلك إلا حيث وُكِلَ إلى نفسه.
قال تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين بن المنذر: (قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي).