كما أصبح ما يُلهي ويشغل القلب والروح من الضروريات لأكثر الخلق يداوون به همومهم بزعمهم مِنْ نظر إلى ملهي أو سماع لمطرب أو شراب لمسكر إذ لا بد من هذه البدائل لدفع الهم والغم حينما يفقد القلب أنسه وسروره الذي فُطر عليه لكن البدائل مهما تكن فهي تواري الهموم والغموم وعذاب القلب والروح وقت مباشرتها والإنغمار فيها كالمخدر تماماً، فإذا ارتفع مفعولها وزال عاد العذاب أشد منه قبل حتماً لزيادة إعراض القلب وصدوده عما خلق له وزيادة بعده عن ربه وقربه من عدوه الشيطان وتمكّنه منه وهذا محسوس وإنما المصاب به قد لا يعرف سرّه ويظن أنه لا بد من هذا العذاب القلبي ولا دواء له إلا ما تقدم ذكره مما يزيد علّته وعاه فيتداوى المصاب بدائه.
والمراد هنا أن ما يعانيه الكفار وصل إلينا وظهرت أعراضه جليّة بكثرة ولا يحيط بخطر وضرر ذلك إلا الله.
والسبب سلوك مسالكهم واتباع سننهم وهديهم، وأثر هذا بليغ على القلوب، كيف إذا انضاف إلى ذلك إيثار الدنيا على الآخرة وظهور الضلالات والمنكرات وإلْف القلوب لها بل واستئناسها بمباشرتها، وتأبى سنة الله أن يكون للكفار المُرّة ولنا الحلوة إذا سلكنا طريقهم كما صرّح بذلك بعض الصحابة رضي الله عنهم.