بالله وسكن إليه وعكف بهمته عليه، وسافرت هممه وعزائمه إلى الرفيق الأعلى لا يقرّ بشيء غير الله ولا يسكن إلى شيء سواه، ولا يطمئن بغيره.
يجد من كل شيء سوى الله عوضاً ولا يجد من الله عوضاً أبداً.
فذِكره حياة قلبه، ورضاه غاية مطلبه، ومحبته قُوّته، ومعرفته أنيسه، عدوّه من جذب قلبه عن الله وإن كان القريب المصافيا، ووليه من رده إلى الله وجمع قلبه عليه وإن كان البعيد المناويا.
فهذان قلبان متباينان غاية التباين، وقلب ثالث في البرزخ ينتظر الولادة صباحاً ومساءً، قد أصبح على فضاء التجريد، وأنِسَ من خلال الديار أشعّه التوحيد، تأبى غلبات الحب والشوق إلا تقرباً إلى من السعادة كلها بقربه، والحظ كل الحظ في طاعته وحبه، وتأبى غلبات الطباع إلا جَذْبه وإيقافه وتعويقه، فهو بين الداعيين تارة وتارة، قد قطع عقبات وآفات، وبقي عليه مفاوز وفلَوات.