قال ابن القيم رحمه الله: والله سبحانه لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، فبِقَدْر ما يدل القلب من هم وإرادة وحب يخرج منه همّ وإرادة وحب يقابله.
فهو إناء واحد والأشربة متعددة، فأيّ شراب ملأه لم يبق فيه موضع لغيره، وإنما يمتلئ الإناء بأعلى الأشربه إذا صادفه خالياً فأما إذا صادفه ممتلئاً من غيره لم يساكنه حتى يرج ما فيه ثم يسكن موضعه كما قال بعضهم:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى ... فصادف قلباً خالياً فتمكّنا
ففقر صاحب هذه الدرجة تفريغه إناءه من كل شراب غير شراب المحبة والمعرفة لأن كل شراب فمسكر ولا بد وما أسكر كثيره فقليله حرام.
وأين سكر الهوى والدنيا من سكر الخمر، وكيف يوضع شراب التسنيم الذي هو أعلى أشربة المحبين في إناء ملآن بخمر الدنيا والهوى ولا يفيق من سُكْرِه ولا يستفيق، ولو فارق هذا السُّكْر القلب لطار