وحرّيات الأفراد الذين لا يملكون انتزاع حقوقهم في معظم المجتمعات الغربيَّة، انطلق دعاة الحريّة ينادون بها مبدأً إنسانيّاً، وأخذت فئات كثيرة تُروِّجها.
واستغلَّت المنظمات ذاتُ المصالح الخاصَّة الرامية إلى تقويض النظم الإدارية، والمؤسَّسات الدينية، والنظم الاجتماعيَّة ومؤسَّساتها، لتكون لها السيطرة الشاملة، شعارَ الحريَّة، فوسَّعَتْ دائرة المفهوم المقبول الصالح للحريَّة شيئاً فشيئاً، دون أن تَشْعُر الجماهير بمكيدة التوسيع التعميمي المنافي لمنطق العقل، ولمبادئ الأخلاق، ولمصالح الناس أفراداً وجماعات، ولنظام الْخَلْقِ وقَوانين الوجود الجبريَّة، فيما عدا الأعمال الإراديَّة للمخلوق، وغفل عن ذلك أيضاً كثيرٌ من أهل الفكر والعلم.
وصادت الماسونية والمكر اليهودي فيها شعار الحريَّة وجعلته أحد مبادئها، ثمَّ قامت الثورة الفرنسيَّة التي كان المكر اليهوديّ وراء تدبيرها والتخطيط لها، وتحريكِ القوى لاندلاعها، وتنظيم المنظمات لتفجيرها، والتربُّص لاستثمارها، واستغلالها، والانقضاض على غنائمها بعد قيامها ونجاحها، فجعلت هذه الثورة الحرِّيَّة واحداً من شعارها المثلث: "الحرِّية – المساواة – الإخاء".
واندفعت الجماهير مفتونة بشعار الحرِّية، وهي لا ترى من معاني الحرِّيَة إلاَّ مساحةً محدودةً مقبولة معقولة، يتحقَّق لها بها الخلاص من الظلم الاجتماعي الذي تعاني منه، والخلاص من الاستبداد الضاغط عليها، والقاهر لإرادتها بقوى ظالمة آثمة، طاغية غاشمة.
ونشط شياطين الإنس بقيادة المردة من اليهود يروِّجون لشعار الحرِّية، ويوسِّعون ممن مساحة دلالتها شيئاً فشيئاً، حتَّى تشمل كلّ سلوكٍ فرديٍّ أو جماعيٍّ يُحَقِّق أهداف الإفساد في الأرض، وتدمير كُلِّ القيم الدينيَّة والخلقية، وإماتة الوازع الديني والخلقي في الأفراد، وتحطيم النظم الاجتماعيَّة الإدارية والسياسيَّة والاقتصادية وغيرها، بغية إضعاف البشريَّة،