أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} .

وأدعوهم أيضاً إلى إمعان النظر في البيان التالي عن شعارَيْ الحرّية والمساواة، عسَى أن يشرح الله صدر من هو مستعدٌّ منهم للإيمان بالحقّ، فيطرحَ عن تصوُّراته الزيف الذي صنعه اليهود وروَّجوا له عن الحريَّة والمساواة، ويُدْرِكَ حقيقة واقِع الإنسان في رحلة امتحانه في هذه الحياة الدنيا، فيحرصَ على ما فيه نجاتُه وسعادتُه يوم الدين، يوم ينقسم الناس إلى ناجين منعَّمين في جنات الخلد، وإلى معذَّبين خالدين في النار دار العذاب، وإلى معذَّبين عذاباً مؤقتاً ضمن مقادير ذنوبهم ومعاصيهم، ثم يتفضَّل الله عليهم فيُخْرِجُهم من دار العذاب بسبب إيمان صحيح مَاتُوا عليه، ويُدْخلهم جنَّتَه.

وما أظنُّ أحداً له ذرَّة من فكر وعقل سليم يعرِّض نفسه لخطر عذاب الله يوم الدّين، من أجل تَعَصُّب أعمى، أو مصلحةٍ دنيوية زائلة فانية، أو لإرضاء نوازع الكبر فيه، أو رغبات الفجور في الأرض.

* * *

(3)

الحرِّية في مفهومنا الإسلامي

أنقل هنا ما كتبته في كتابي "كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة" عن الحرية:

في ظروف الاستبداد الدكتاتوري الذي كان سائداً في أوروبّا قبل الثورة الفرنسية، وإبَّان مصادرة حرِّيات الطبقات الضعيفة في المجتمع،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015