الاحتمال الثاني: أن يكون في يد كلٍ من الزوجين إمكان حلّها من طرفه دون أية قيود تفرض عليه، وقد كان من المقبول اللجوء إلى هذا الاحتمال في التشريع لولا ملاحظة الأمور التالية:

1- أن تكوين مؤسسّة الأسرة ذو طابع اجتماعي، ولذلك اقتضى أن يكون لها كل ما للجماعة من مقومات، وأهمها أن بعضها ذو ولاية على الآخر، ليتمّ بذلك تماسك الجماعة، واستقامة أمرها، وبعدها عن الفوضى، فلو أنّ في سلطة كل من القيم صاحب الولاية وشريكته حل هذه الشركة بشكل مباشر، ودون أية عقبات، لكان نقضاً بيناً لمعنى الولاية، ومؤدباً إلى سلب كل قواها المادية والم عنوية. وذلك لأن صاحب الولاية وهو الزوج سيكون مهدداً بحل هذه الشركة من قبل الطرف الآخر، كلما أراد أن يوجه أمراً أو نهياً اقتضته المصلحة، وهو يخالف هوى الطرف الآخر، فتفقد الولاية بذلك كل معناها، ومتى فقدت الولاية معناها الحقيقي عاد أمر هذه المؤسسة الاجتماعية إلى الفوضى، واستقلال كل عنصر من عناصرها برأيه وأهوائه وشهواته.

2- أن المرأة في الغالب تقع تحت تأثير عواطفها الآتية، فلو أن في يدها حل عقد النكاح مباشرة دون أية عقبة شكلية، لكانت هذه المؤسسة الاجتماعية عرضة للحل لدى أية حالة انفعالية رعناء تعتريها، والأمر في حل عقدة النكاح يخالف الأمر لدى ربطها، وذلك لأن ربطها يكون غالباً في حالة ذات استقرار عاطفي، لما يسبق ذلك من تأمل وتبصر، ولا يتم إلا عند تطابق إرادتي العاقدين، بخلاف الحل فإن أية رعونة طائشة كفيلة بالبت فيه، دون روية طويلة.

3- أن معظم أعباء هذه المؤسسة الاجتماعية المادية والمعنوية، في بنائها أو هدمها ملقاة على عاتق الزوج في نظام الإسلام، فهو أحرى بأن يكون صاحب روية طويلة قبل أن يقدم على البت بحل هذه الشركة، وهدم هذه المؤسسة التي ستتهاوى أنقاضها عليه، وأحرى بأن لا يكون سريع الاستجابة لانفعالاته الآنية المفاجئة، التي قد تثيرها أمور طفيفة كثيراً ما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015