يضاف إلى ما سق أن التجارب النفسية قد دلت أن بعض الناس مصابون بانحراف نفسي غريب المزاج، يلذ لهم معه أن يتلقوا معاملة قاسية مؤلمة، جسدية أو نفسية، فلا يطيب مزاجهم ولا يعتدلون إلا بالضرب أو ما يشبهه من مؤلمات، وأكثر ما يكون هذا اللون من الانحراف في صنف النساء، ويطلق عليه علماء النفس اسم "الماسوشزم".
وكثيراً ما سمعنا عن نساء من هذا القبيل، لا تطيب لهن الحياة الزوجية، ولا يستقمن مع أزواجهن، ولا يعتدل مزاجهن، حتى يتلقين منهم عنفاً يجري دموعهن الغزيرة، يتبعه رفق يمسح هذه الدموع.
ومهما يكن من أمر فإن استخدام هذه الوسيلة مع اللوات يفضلنا على الفراق، يشبه استخدام وسيلة جراحة العضو العليل لدى مداواته، قبل الحكم عليه بالبتر النهائي، ما بقي لدى الحكيم أمل بالإصلاح، أما إذا جزم بخبرته أنه لا سبيل إلى الإصلاح فإنه له أن ينتقل مباشرة إلى البتر النهائي، وكذلك يكون الأمر في بعض الحالات الزوجية.
على أن وجود التشريع الذي يأذن للزوج بتأديب زوجته بالضرب في آخر المراحل التي ليس وراءها إلا الطلاق، لا يعني أ، هذا السلاح الاحتياطي سيستخدمه كل زوج، فمعظم الأسر المؤدبة بآداب الإسلام لا تعرف في حياتها الهجر في المضاجع فضلاً عن الضرب، وذلك لأن التربية الإسلامية العامة للرجال والنساء، متى استوفت شروطها فلا بد أن تجعل الأسر الإسلامية في وضع من الوئام والتفاهم والود؛ لا يسمح بأكثر من استخدام الدرجات الخفيفة من درجات الموعظة التي يشترك فيها كل من الزوجين، إذ تقضي تعاليم الإسلام بإلزام كل من الزوجين بأن يأمر قرينه بالمعروف وينهاه عن المنكر، ويقدم إليه الموعظة الحسنة.
وقد علمتنا السيرة النبوية أن الرسول صلوات الله عليه لم يضرب في حياته زوجة ولا خادماً.
وأحاط الإسلام الإذن باستخدام هذه الوسيلة في تأديب بعض المسيئات من الزوجات بسياج من الوصايا الكثيرة، التي تأمر الرجال بأن يحسنوا معاملة النساء.