وحينها يلزمه عدمُ قبولِ العنعنةِ مطلقًا، ليكون بذلك مُظْهِرًا بُطلانَ قولِهِ لنفسه، داعيًا لها للرجوع عن مذهبه، أو يكونَ فاضحًا سوءَ نيّته، مُعْلنًا خُبْثَ طويّته على السنة النبويّة.
أمّا أن يقول مَنْ ينسب شرط اللقاء إلى البخاري وينصره: إن (عن) تدل على الاتصال بذلك الشرط، ولا تدل عليه بغيره= فهذا تناقضٌ، وتحكُّمٌ لا وَجْه له، على ما شرحناه آنفًا.
وقد وَقَعَ ابنُ رُشيد في هذا التناقض!!
فانظر إليه وهو يستدلّ لمذهب من ردَّ العنعنة مطلقًا، فيقول: ((وحُجّتُه أن (عن) لا تقتضي اتّصالاً، لا لغةً ولا عُرفًا، (ثم بيَّنَ عدم اقتضائها الاتصال لغةً، وقال عن العُرْف:) وليس فيها دليلٌ على اتّصال الراوي بالمرويّ عنه، وما عُلم أنّهم يأتون بـ (عن) في موضع الإرسال والانقطاع يَخْرُمُ ادّعاءَ العُرْف)) (?) .
وقال في ردّه على مذهب مسلم: ((ولا شكَّ أنه مذهبٌ مُتَسَاهَلٌ فيه. نعم. . لو علمنا من كل واحدٍ من رواة الحديث أنه لا يُطلق (عن) إلا في موضع الاتّصال، ولا يُجيز غير ذلك، أو صحَّ فيه إجماعٌ من الرواة كُلِّهم، وعُرْفٌ لا ينخرم ضبطه، ولكن ذلك لم يَثْبُت. نعم. . قد يُسلِّمُ المنصف أنه كثير، ولا يلزم من كثرته الحكمُ به مطلقًا، لوجود الاحتمال)) (?) .