أنهم أوهموا السماع؟ وهل يحصل الإيهام إلا باستخدام ما كان يدل على السماع غالبًا؟!!
وأقوال العلماء في أن (عن) تدل على الاتصلا كثيرةٌ، سبق بعضها في هذا البحث.
ويكفي أن نقول لمن نازع في الدلالة العرفيّة لـ (عن) على الاتصال، نصْرةً للمذهب المنسوب إلى البخاري: على ماذا اعتمدت إذن في حَمْل (عن) على الاتصال بالشرط الذي ادّعيته؟ على الدلالة اللغويّة؟ أم العرفيّة؟ فإنه لا مناص له من أحد هذين الجوابين، وكل واحدٍ منهما كافٍ في الردّ عليه. وإن كان الجواب الأخير: وهو أن (عن) تدل عرفًا على الاتصال= هو الصواب، كما لا يخفى على من درس المسألة أدنى دراسة.
وهذا الأصلُ أصلٌ عظيمٌ في مسألة الحديث المعنعن، وهي كافيةٌ في دحض دعوى مشترط العلم باللقاء.
وبذلك ألزمَ مسلمٌ خَصْمه، لأنّ الخَصْمَ إما أن يعترف بالدلالة العرفيّة لـ (عن) ، وهي الدلالة على الاتصال، وحينها يلزمه إجراءُ هذه الدلالة بين كل راويين لم يقم دليلٌ أو قرينةٌ على عدم سماعهما، وهذا يتحقق في كُلِّ راويين متعاصرين لا يستحيل ولا يُستبعد لقاؤهما.
وهذه قاعدةٌ معروفة في كل لفظٍ له دلالةٌ عرفيةٌ، أن الأصلَ استخدامُهُ بالدلالة العرفيّة، ولا نخرجه عن ذلك إلى الدلالة اللغويّة إلا بدليل أو قرينة.
وعليه: فإما أن يعترف الخصم بهذه الدلالة العرفيّة لـ (عن) ، وحينها يلزمه أن يقول بقول مسلم، وإمّا أن ينفي دلالة (عن) على الاتصال،