زمن نسخه ثمَّ خلفهَا حِكْمَة أُخْرَى تَقْتَضِي حكما آخرا فَلَا سفه وَلَا بدا وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَنه يجوز النّسخ وَإِن لم يتَقَدَّم بِهِ إِشْعَار وَهَذَا رَأْي الْجُمْهُور وَذهب آخَرُونَ إِلَى أَنه لَا يجوز إِلَّا إِذا تقدم بِهِ إِشْعَار نَحْو قَوْله تَعَالَى {أَو يَجْعَل الله لَهُنَّ سَبِيلا} وَأجِيب بِأَنَّهُ لَا يتم دَعْوَى الْإِشْعَار فِي كل حكم حكم الله بِنَفسِهِ ... وَنسخ مَا قيد بالتأبيد ... وَغير إِبْدَال لذِي الْمُفِيد ...

عطف على قَوْله وَجَائِز أَي وَجَائِز نسخ الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ نسخ الحكم الَّذِي قيد بالتأيد والنسخ لحكم لَا إِلَى بدل وهما مَسْأَلَتَانِ اخْتلف الْعلمَاء فيهمَا اخْتِلَافا كثيرا

فَالْأولى مثلوها بِنَحْوِ أَن يَقُول صُومُوا رَمَضَان أبدا فالجمهور قَائِلُونَ بِأَنَّهُ يجوز نسخه وَاسْتَدَلُّوا بِأَن التَّقْيِيد بالتأبيد لَيْسَ نصا صَرِيحًا فِي الدَّوَام غَايَته أَنه ظَاهر فِيهِ وَهُوَ لانيا فِي النّسخ كَمَا قُلْنَا فِي صِيغ الْعُمُوم أَن ظَاهرهَا الِاسْتِغْرَاق مَعَ جَوَاز إِخْرَاج بعض أفرادها فَكَذَا هُنَا يجوز إِخْرَاج بعض الْأَزْمِنَة وَإِن كَانَ التَّقْيِيد بالأبد ظَاهرا فِي الدَّوَام

قَالَ الْمَانِع صِحَة الْأَقَل التَّقْيِيد بالأبد يُنَافِي النّسخ لِأَن التَّقْيِيد بِهِ يدل على الدَّوَام والنسخ يدل على الْقطع وانتهاء الحكم وَكَون الشَّيْء دَائِما مُنْقَطِعًا تنَاقض لَا يجوز على الْحَكِيم

وَأجِيب بِأَنَّهُ بِالنّظرِ إِلَى ظَاهر لفظ الْأَبَد مُسلم وَلَا يضر كمنافاة التَّخْصِيص لظَاهِر الْعُمُوم وَلِأَن لفظ الْأَبَد يسْتَعْمل فِي الزَّمن الطَّوِيل كَمَا نَص عَلَيْهِ أهل اللُّغَة وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْأَبَد نصا صَرِيحًا يدل على أَنه للاستمرار فِي نفس الْأَمر وَحَقِيقَة الْخطاب فَلَا يُنَافِيهِ النّسخ وَفِي المطولات تقاسيم فِي الْمَسْأَلَة وإطالة وَهِي قَليلَة الجدوى فَلَا نشتغل بهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015