بِالسَّمْعِ الْبَيَان أَي صَحَّ بَيَان الْمُجْمل بِالسَّمْعِ كتابا وَسنة وإجماعا وَقِيَاسًا نَحْو {وَآتوا حَقه يَوْم حَصَاده} فَإِنَّهُ مُجمل بَينه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر أخرجه البُخَارِيّ وَغَيره وَهَذَا النَّوْع وَاسع فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَقد يكون بِالسنةِ الفعلية نَحْو قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي أخرجه البُخَارِيّ وَغَيره وَنَحْو خُذُوا عني مَنَاسِككُم كَمَا فِي حَدِيث جَابر عِنْد مُسلم قيل وَهُوَ أقوى من الْبَيَان بالْقَوْل كَمَا يدل لَهُ حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا لَيْسَ الْخَبَر كالمعاينة رَوَاهُ أَحْمد بِإِسْنَاد صَحِيح وَابْن حبَان وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ وَزَاد فَإِن الله أخبر مُوسَى بن عمرَان عَلَيْهِ السَّلَام عَمَّا صنع قومه من بعده فَلم يلق الألواح فَلَمَّا عاين ذَلِك ألْقى الألواح
وَأما الْبَيَان بِالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس فَفِيهِ الْخلاف الَّذِي وَقع فِي جَوَاز التَّخْصِيص بهما وَاعْلَم أَنه إِذا ورد بعد الْمُجْمل قَول وَفعل يفيدان بَيَانه فَإِن علم السَّابِق مِنْهُمَا فَهُوَ الْبَيَان وَالثَّانِي تَأْكِيد فعلا كَانَ أَو قولا وَإِن جهل فأحدهما هُوَ الْمُبين لَا على جِهَة التَّعْيِين لعدم الْعلم بالسابق وَالْآخر حكم التَّأْكِيد هَذَا إِن اتفقَا فَإِن اخْتلفَا أَن يَأْمر صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد نزُول الْحَج بِطواف وَيَطوف طوافين فَقيل الْمُبين هُوَ القَوْل تقدم أَو تَأَخّر أَو جِهَة وَهَذَا رَأْي الْجُمْهُور قَالُوا لِأَن القَوْل يدل على الْبَيَان بِنَفسِهِ بِخِلَاف الْفِعْل فَإِنَّهُ لَا يدل إِلَّا بِوَاسِطَة انضمام القَوْل إِلَيْهِ فَكَانَ بِالْبَيَانِ أولى من الْفِعْل وَيحمل الثَّانِي على النّدب أَو على أَنه خَاص بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم