قُلْنَا لَيْسَ الْأَمر بِمُجَرَّد الصَّوْم بل مُقَيّدا بِالْوَقْتِ فَإِذا فَاتَ وقته كَانَ مُوجبا لفواته لاستحالته الِاسْتِدْرَاك الْمُؤَقت الْمَطْلُوب فِيهِ الْفِعْل وَأما مَا قيل إِن هَذَا مَبْنِيّ على أَن الْوَقْت قيد للمطلوب وَلَيْسَ كَذَلِك بل قيد للطلب فَإِنَّهُ كَلَام بَاطِل فَإِن الطّلب لَا بُد وَأَن يتَقَدَّم زَمنا على إِيقَاع الْمَطْلُوب فَمَا معنى تَقْيِيد الطّلب بِيَوْم الْخَمِيس مثلا وَإِن أُرِيد أَن طلب تنجيزه مُقَيّد بِيَوْم الْخَمِيس قُلْنَا هَذَا أول الْمَسْأَلَة فَإِنَّهُ إِذا فَاتَ الْيَوْم الَّذِي طلب تنجيزه فِيهِ فَاتَ الْمَطْلُوب إِذْ قد صَار الْيَوْم جُزْءا مِنْهُ هَذَا فِيمَا إِذا ورد الْأَمر بِغَيْر تكَرر الْعَطف وَأما إِذا تكَرر الْأَمر بِحرف الْعَطف فَهِيَ مَسْأَلَة أُخْرَى أَشَارَ إِلَيْهَا النَّاظِم بقوله ... وَإِن تكرره بِحرف الْعَطف ... أَفَادَ تكريرا بِغَيْر خلف ...
أَي بالِاتِّفَاقِ بَين أَئِمَّة الْأُصُول وَذَلِكَ مثل أَن يَقُول صل رَكْعَتَيْنِ وصل رَكْعَتَيْنِ وَأما إِذا قيل صل رَكْعَتَيْنِ وصل الرَّكْعَتَيْنِ فهما فِي الأول غيران لاقْتِضَاء الْعَطف الْمُغَايرَة وَلِأَنَّهُ حمل للْكَلَام على التأسيس وَهُوَ أولى من التَّأْكِيد وَلِأَن الشَّيْء لَا يعْطف على نَفسه إِلَّا لتأكيد والتأسيس خير مِنْهُ بِخِلَاف الثَّانِي فَإِنَّهُ تعَارض فِيهِ أَمْرَانِ كَون اللَّام للْعهد لتقدم الْمرجع ذكرا فَيَقْتَضِي عدم التغاير وواو الْعَطف تَقْتَضِيه وَيَأْتِي تَحْقِيقه فِي شرح قَوْلنَا مَا لم تقم قرينَة التَّعْرِيف
وَقَوْلنَا بِغَيْر خلف هَذَا هُوَ الَّذِي نَقله الْأَكْثَر وَنقل صَاحب الْجمع والبرماوي فِي شرح منظومته خلافًا فِي ذَلِك وَمَا ذَكرْنَاهُ فَالْمُرَاد أَنه الأَصْل والمتبادر فَإِذا قَامَت قرينَة على خِلَافه قدم مَا قَامَت عَلَيْهِ نَحْو قَوْلك اسْقِنِي مَاء واسقني مَاء واقتل زيدا واقتل زيدا فَإِن الْقَرِينَة وَهِي اندفاع الْحَاجة إِلَى الشّرْب بِمرَّة وَاحِدَة وَعدم تعدد قتل زيد تقضي بِأَنَّهُ للتَّأْكِيد هَذَا إِذا كَانَ بِحرف الْعَطف أما إِذا كَانَ مَعَ عَدمه فقد أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلنَا ... أَو كَانَ تكريرا بِغَيْر عاطف ... على الَّذِي يخْتَار ذُو المعارف ...