وَوجه التَّعَجُّب أَن أوَامِر الله كلهَا صادرة عَن الْعُلُوّ رُتْبَة بِلَا ريب وَعَن الاستعلاء فَإِنَّهُ الأحق بذلك إِلَّا أَنه لَا يُقَال فِي تَفْسِيره عد نَفسه عَالِيا واعتقدها كَذَلِك بل بِمَعْنى أَنه أهل لذَلِك الِاسْتِحْقَاق وَأما قرنه أوارمه بتذكير نعمه فَلَيْسَ لِأَنَّهُ وَلَا استعلاء بل ذكر ذَلِك عقب الْأَمر من بَاب بل الْأَمر وَقع بِلَفْظ افعلوا ثمَّ اتبعهُ بِدَلِيل يزيدهم بعثا على طَاعَته وإبانة لمنافع مَا أَمر بِهِ
وَقَول النَّاظِم يُرِيد مَا تنَاوله إِشَارَة إِلَى مَسْأَلَة مَعْرُوفَة وَذَلِكَ أَن صِيغَة افْعَل وَردت للتهديد والالتماس وَالدُّعَاء وَالْأَمر قَالُوا فبماذا يصير الأمرا أمرا فَاخْتلف قي ذَلِك وَالَّذِي اخْتَارَهُ النَّاظِم أَن مرجع الْأَمر إِلَى حُدُوث الصِّيغَة وَإِرَادَة محدثها الْمَأْمُور بِهِ فيعين كَونه أمرا إِرَادَة الْمَأْمُور بِهِ حتما وَيَكْفِي الصِّيغَة فِي كَونه أمرا لِأَنَّهَا حَقِيقَة فِيهِ وَفِي المطولات تَطْوِيل قَلِيل التَّحْصِيل لوما اخْتلف الْعلمَاء فِي صِيغَة الْأَمر هَل وضعت للْإِيجَاب أَو لغيره فَأَشَارَ إِلَى ذَلِك قَوْلنَا
وَهُوَ مُفِيد للْوُجُوب شرعا
على الَّذِي تختاره ووضعا
هَذَا التَّصْرِيح بِأَنَّهُ وضع حَقِيقَة للْوُجُوب لُغَة وَبِه وَردت الشَّرِيعَة وَهَذَا قَول الْجُمْهُور وَفِيه إثنا عشر قولا مبسوطة فِي المطولات وَالَّذِي اخترناه هُوَ الْأَقْوَى دَلِيلا كَمَا أَفَادَهُ قَوْله
فالعقلاء تذم من لم يمتثل
أمرا لمَوْلَاهُ وَأَيْضًا نستدل ... بِأَنَّهُ مَا زَالَ هَذَا فِي السّلف
فَكَانَ إِجْمَاعًا تَلقاهُ الْخلف
تَقْرِير الدَّلِيل أَن الْعُقَلَاء من أهل اللِّسَان الْعَرَبِيّ قبل وُرُود الشَّرْع يذمون العَبْد إِذا لم يمتثل أَمر سَيّده ويصفونه بالعصيان وبلغتهم نزل الْقُرْآن ووردت السّنة النَّبَوِيَّة والذم والوصوف بالعصيان إِمَارَة اللُّزُوم والثبوت وَلَا يُرَاد