والأبحاث والإيرادات على الْقَائِلين بِالْقِيَاسِ والرادين عَلَيْهِم كَثِيرَة وَقد بسطت فِي مطولات الْفَنّ

وَأما عمر فَإِنَّهُ فِي حد الْخمر إِنَّمَا عمل بقول عبد الرحمن بن عَوْف حَيْثُ قَالَ لَهُ أخف الْحُدُود ثَمَانُون فَجعله ثَمَانِينَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ إِن قيل هَذَا أَيْضا قِيَاس قُلْنَا لَيْسَ بِالْقِيَاسِ المصطلح فَإِنَّهُ لَا جَامع بَين السكر وَالْقَذْف وَإِنَّمَا هُوَ رَأْي مَحْض وَبِالْجُمْلَةِ ادِّعَاء الْإِجْمَاع فِي هَذَا غير صَحِيح وَلِهَذَا خَالف جمَاعَة من الائمة واختاروا أَن حد الشَّارِب أَرْبَعُونَ وكونهم أَجمعُوا على الْقيَاس لَا دَلِيل عَلَيْهِ على أَنه لَو سلم فغاية الْوَاقِع مِنْهُم جَوَاز الْعَمَل بِهِ لَا وُجُوبه الَّذِي هُوَ الْمُدعى قَالُوا بل أوجبوا الْأَحْكَام الثَّابِتَة بِهِ على الْعباد وَلَو كَانَ الْعَمَل بِهِ غير وَاجِب لما جَازَ لَهُم إِلْزَام الْعباد بِأَحْكَام بنيت عَلَيْهِ

وَاعْلَم أَن التَّحْقِيق أَن الْقيَاس لم يقم الدَّلِيل على التَّعَبُّد بِهِ إِلَّا فِيمَا كَانَت علته منصوصة بِأَيّ طرق النَّص كَمَا يَأْتِي تَحْقِيقه وَغَيرهَا من المسالك الْآتِيَة ستعلم أَنه لم يقم عَلَيْهَا دَلِيل التَّعَبُّد بِالْعَمَلِ بِهِ وَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَحْقِيقه وَقد بسطناه فِي رسالتنا الْمُسَمَّاة الاقتباس فِي معرفَة الْحق من أَنْوَاع الْقيَاس

وَلما اخْتلف فِي جَرَيَان الْقيَاس فِي الْأَحْكَام كلهَا أَو عَدمه أَشَرنَا بقولنَا

وَلَيْسَ بالجاري فِي الْأَحْكَام

جَمِيعهَا فِي نظر الْأَعْلَام ... فَإِن مَا مَعْنَاهُ مِنْهَا يجهل

فَلَيْسَ فِي بَاب الْقيَاس يدْخل

النَّفْي فِي قَوْله وَلَيْسَ بالجاري مُتَوَجّه إِلَى الْقَيْد أَعنِي لفظ جَمِيعهَا وَالْمرَاد أَن الْقيَاس لَا يكون جَارِيا الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي إِثْبَات كل حكم شَرْعِي لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015