الباطنيَّة؛ كالإسماعيليَّة، والنُّصَيْرِيَّة، والدروز معتقد تناسخ الأرواح، واستغلّته “لنسخ مبدأ المعاد، وإنكار الجنَّة والنَّار، والطعن بالفرائض، وإباحة المحرَّمات”1.

فالإسماعيليَّة يعتقدون أنَّ أرواح مخالفيهم لا تزال تتناسخها الأبدان، وتتعرَّض فيها للألم والأسقام؛ فلا تُفارق بدناً، إلاّ ويتلقَّاها آخر، وهذا هو عقابها2.

يقول أحدُ دعاتهم ـ وهو إبراهيم بن الحسين الحامدي (ت 557?) ـ مقرِّراً ذلك: “إنَّ النَّفس في عالم الكون والفساد كائنة في الأجساد، وهي الأرواح الهابطة للزلَّة التي كانت منها، والخطيئة التي جَنَتْها؛ فأُهبطت وأُبعدت من دار الكرامة، فبقيت معذَّبة مربوطة بالطبيعة الحسيَّة، والتكليفات اللازمة لها في الشرائع النَّاموسيَّة، جزاء لها بما أسلفت”3.

فأرواح المخالفين للإسماعيليَّة تبقى محبوسة في الأبدان أبد الدهر، والبدن بالنسبة لها هو القبر؛ كما ورد في تأويلاتهم الباطنيَّة: “والقبر: فهو الصورة الجسمانيَّة، والهياكل الجرمانيَّة”4.

واعتقد النُّصيريَّة كذلك تناسخ الأرواح، وقالوا: “ليس قيامة، ولا آخرة، وإنَّما هي أرواحٌ تتناسخ بالصور، فمن كان محسناً، جُوزي بأن يُنقل روحه إلى جسدٍ لا يلحقه فيه ضررٌ ولا ألم، ومن كان مسيئاً، جُوزي بأن يُنقل روحه إلى أجسادٍ يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم، وليس شيء غير ذلك، وأنَّ الدنيا لا تزال أبداً هكذا”5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015