فالمعاد ـ عندهم ـ عودة أرواح مؤمنيهم إلى العالم الروحاني ـ الذي منه انفصالها ـ بعد أدوار تتردَّد فيها في الأجساد. أمَّا مخالفوهم فأرواحهم تتناسخ أيضاً، ولكنْ شتَّان بين تناسخ هذه الأرواح وتلك؛ فأبناء طائفتهم لا يجري عليهم المسخ ـ وهو انتقال الروح من جسد آدميّ إلى جسد حيوان ـ، وإنَّما يجري عليهم النّسخ ـ وهو انتقال الروح من جسد آدميّ إلى جسد آدمي آخر ـ لعدّة دورات، تُطهَّر أرواحهم فيها تماماً، وتصير نوراً خالصاً، ثمّ تصعد إلى السماء، لتتخذ من الكواكب والنجوم مستقرًّا لها؛ أي أنها تلحق بالعالم النوراني الأكبر ـ على حدّ زعمهم ـ؛ فتكون بذلك قد عادت إلى مستقرّها الأصليّ الحقيقيّ1.
أمَّا مخالفوهم ـ وهم الذين لا يؤمنون بألوهيَّة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ، فيجري عليهم سائر أشكال التناسخ ـ عدا النسخ ـ؛ “لأنَّ الواحد منهم لا يُركَّب في صورةٍ إنسانيَّة أصلاً، وإنَّما يُركَّب في الصورة البهيميَّة، وكذلك في صورة السباع والوحوش؛ حتى يَرِدَ في صورةٍ يُستوحَش منها. وهذا دأبه وديدنه أبد الآبدين”2.
وليس انتقال أرواح مخالفي النصيريَّة في الصور الحيوانيَّة فقط، بل “في كلّ شيءٍ خالف الصورة الإنسانيَّة”3.
فيُمكن أن تنتقل أرواحهم إلى صور جامدةٍ؛ من معدنٍ، وحجرٍ، وحديدٍ، وغيره؛ فتذوق بذلك حرّ الحديد والحجر، وبردَه4.
وليس معتقد الدروز في التناسخ عن معتقد النصيريَّة فيه ببعيد، وإن كان