النحلة الهنديَّة ـ سيّما البرهميَّة ـ، حتى قال البيروني (ت 440هـ) في ذلك: “كما أنَّ الشهادة بكلمة الإخلاص شعارُ إيمان المسلمين، والتثليث علامةُ النصرانيَّة، والإسبات1 علامةُ اليهوديَّة، كذلك التناسخُ عَلَمُ النحلة الهنديَّة، فمن لم ينتحله، لم يكُ منها، ولم يُعدّ من جملتها”2.
واعتقادهم بتناسخ الأرواح أمرٌ ناتجٌ عن إنكارهم البعث؛ لأنَّهم يرون ـ كما مرّ ـ أنّ الجزاء يكون على الروح حين انتقالها بين الأجساد؛ إذ من عقائدهم أنَّ من مات انتقلت روحه إلى حيّ جديد، ثمّ إلى آخر بعد موته، ثمّ إلى ثالثٍ، وهكذا، إلى ما لا نهاية، وهذه الروح لا بُدّ أن تلقى معاقبة أو إثابة الأعمال التي لم تلق جزاءها في الحياة السابقة.
وليس أمام الروح ـ في الديانات الهنديَّة القديمة ـ إذا تخلَّصت من بدنها إلاَّ أحد ثلاثة عوالم تتصل بها؛ “أوّلها العالم الأعلى، وهو الملائكة، تصعد إليه الروح إن كانت بعملها تستأهل الصعود إليه، والخلاص من الجسم، والسموّ إلى الملكوت الأعلى؛ والعالم الثاني عالم النَّاس، وهو عالمنا الحاضر معشر الآدميِّين، والنفس تعود إليه بالحلول في جسم إنسانيّ آخر، لتكتسب عمل خيرٍ، ولتجتنب عمل شرٍّ، إذا كانت أعمالها في الجسم الأول لا ترفعها إلى مراتب التقديس في أعلى عليِّين، ولا تنزل بها إلى أسفل سافلين في العالم الثالث، وهو عالم جهنَّم”3.
وعالم جهنَّم هذا ليس في درجة واحدة، فقد يكون انتقال الروح إلى جسد شيطان، وقد يكون إلى حيوان، وقد يكون إلى حشرات؛ فقد ورد في شريعة (منو) أنَّ “الطالب الذي يستمع إلى غيبة شيخه، يُولد في الحياة الثانية في جنس