وفي ضوء الدرس الصوتي الحديث يرجح الدارس أن الأصل فتح النون وكسر العين، وإنما كسرت النون نتيجة مماثلة رجعية، وكسر النون أفصح اللغات؛ لأنها مكسورة في قوله تعالى: "نِعْمَ الْعَبْدُ (?) " (?).
نلمح ذلك في بعض الأمثلة القرآنية والتي تناول الزبيدي فيها كيفية ضبط ضمير هاء الغيبة ولغات العرب فيها من خلال:
• (يُؤدِّهِ) من قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} (?).
• (نُؤْتِهِ) من قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا} (?).
• (نُوَلِّهِ ونُصْلِهِ) من قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (?).
• (لِرَبِّهِ) من قوله تعالى: {إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودُ} (?). [التاج: ها].
فأصل حركة الضمير (هُمْ) الضم كما يلي: (ـهُ) للمفرد المذكر، و (هُما) للمثنى، و (هُم) لجمع الذكور، و (هُنَّ) لجمع الإناث. وهذا ما جعل ابن يعيش (?) يتصور أن ضمير جمع الذكور أصله (هُمو) بإشباع الهاء المضمومة، وأنها تطورت في الاستخدام حتى آل إلى ما هو عليه الآن. لكن هذه الضمة الأصلية على (الهاء) لا تثبت بل تتغير إتباعاً لما قبلها من حركات مثل (الكسرة الطويلة أو القصيرة) أو (الياء) فتقلب إلى تلك الكسرة.
وردت القراءة في هذا الضمير بأكثر من وجه، حيث جاء ساكنا، ومبنيا على الكسر، وفي بعض المواضع مبنيا على أصله وهو الضم. وذكر ابن