وهذا هو الأصل المعول عليه عند الزبيدي وغيره. ولكنه كثيرا ما يخرق هذا الأصل، فيذكر القراءة في غير مادتها كما فعل في (ك ذ ب) حيث ذكر قوله تعالى: {وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ} (?) ثم قال: "وقرىء {بِدَمٍ كَدِبٍ} بالمهملة، وقد تقدمت الإشارة إليه" (?). وهو عادة ما يكرر القراءة في مظانها، فقوله تعالى: {وإِنّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} (?) وقرئ أيضا بالدال: {حَادِرُونَ}؛ لذلك فقد ذكر القراءتين مرتين: الأولى في (ح در) وأخرى في (ح ذ ر).
إن ذكر القراءة التي لا تناسب المقام بهذه الكيفية لا قيمة لها في أصل الصنعة المعجمية؛ بحيث إنها لو حذفت لا يتبين أحد خللا في موضعها، وكل ما فيها من فائدة هو لفت الانتباه إلى أن في اللفظ قراءة بالدال المهملة، وهذه أيضا لا معنى لها؛ لأنه قد ذكر قراءة الدال في موضعها بالتفصيل، فَذِكْرُهَا هنا على كل الوجوه فضل من القول. وقد كرر الصنيع نفسه في (أخ ذ) حيث تناول قراءة مُجَاهِدٍ {لَوْ شِئْتَ لَتَخِذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} (?) بالتفصيل، رغم أنه تناولها في موضع آخر حيث جعل لها مادة مستقلة مدخلها: (تخذ) وبنى هذه المادة من أولها إلى آخرها على هذه القراءة وأقوال العلماء فيها.
كما أن الزبيدي كثيرا ما يسترسل فيذكر كل القراءات الواردة في الموضع الواحد، وهذا ما يجعله كثيرا يخالف أصول الصناعة المعجمية، فقد تَكُونُ القراءات - التي ذَكَرَهَا استرسالا - لا تَمُتُّ بصلة للموضع الذي ذكرها فيه كما فعل في (ص ور) حيث ذكر قوله تعالى {فَصُرْهُنَّ إلَيْكَ} (?) بضم الصاد وكسرها قراءتان سبعيتان: أي وَجِّهْهُنّ، من صار يصور ويصير، ولكنه يستدعي معهما قراءتين تنتميان إلى أصلين آخرين هما: {صُرَّهُنَّ} من الصَّرِّ أي الشَّدِّ، والثانية: {فَصِرَّهُنَّ} من الصَّرِيرِ أي الصوت أي صِحْ بِهِنَّ. وبهذا