يكون قد وضع القراءة في غير موضعها، وهذا الصنيع لا يخدم المادة، ولا يُفَعِّلُ القراءة. وأحيانا ينطق الحال برغبته الشديدة في مجرد جمع واستقصاء القراءات الواردة في الموضع الذي يتناوله، حتى لو لم تكن مناسبة للمقام، كما فعل في (ع ب د) حيث ذكر كل القراءات الواردة في قوله تعالى {وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ} (?) ومن بينها ما جاء بصيغة المبني للمعلوم، والمبني للمجهول، والمخفف، والمشدد، والمسند إلى ضمير الغائب المفرد، وضمير الغائب الجمع، وصيغ شتى من جموع التكسير، وفي هذا الخضم لا يستطيع القارئ أن يتبين موضع الشاهد، بل يصعب على الزبيدي نفسه إبرازه.

وفي أحيان أخرى يشعر الزبيدي بلون من ألوان الصراع بين رغبته في استقصاء القراءات، وأصول الصناعة المعجمية، فيشعر أن استقصاءه سوف يخل بتلك الأصول إخلالا واضحا، فابتكر طريقة يجمع فيها بين الحُسْنَيَيْنِ، فبعد أن تنتهي المادة يقول: "فائدة" (?) أو "مهمة" أو يجمع بينهما فيقول: "فائدة مهمة" (?) ثم يذكر القراءات التي اجتهد في جمعها من كتب القراءات. وقد فعل ذلك في (م ل ك) فبعد أن انتهى من عرض المادة قال: "مهمة" ثم استرسل في ذكر القراءات الواردة في "ملك"، والقراء الذين قرؤوا بها، والمعاني الواردة عليها، ومفاضلة العلماء بين هذه القراءات من حيث المعنى. وأعود فأقول: إن هذه الطريقة تخالف أصول الصناعة، حيث لم تقع القراءة في موضعها المناسب لها، فتفقد قيمتها الاستدلالية.

أما عن مسألة ذكر القراءة والإسناد فللزبيدي فيهما مشارب متعددة، فهو أحيانا يذكر القراءة مستقصيا كل من قرأ بها، كما فعل في (ق ن ط) سابق الذكر. وأحيانا يذكر القراءة دون ذكر القارئ، بل يكتفي بقوله:" وقرئ " ثم يذكر القراءة، كما فعل في {جُهْدَهُمْ} (?) بضم الجيم وفتحها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015