هذه حاله، ونحن نعلم مع ذلك قراءة ابن كثير:" ضئاء" (?) بهمزتين مكتنفتي الألف، وقراءة ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُشْرِكِينَ قَتْلُ أَوْلَادَهُمْ شُرَكَائِهِمْ} (?) ... وهو أيضا مع ذلك مأخوذ به" (?).
والقراءة - من زاوية الاستشهاد اللغوي البحت - نص عربيّ، رواه أو قرأ به من يوثق في عربيته، ولهذا فهي - حتى على فرض اختلاف العلماء في صحة التعبد والصلاة بها - تحقق شرط اللغوي، وهو النقل عن العربي الثقة، حتى ولو كان فردًا، بل إن السيوطي يصرح بما هو أكثر من ذلك حين ينفي اشتراط العدالة في العربي الذي يستشهد بكلامه.
ولما كانت غاية دراسة القراءات هنا غاية لغوية معجمية، لا تتجاوز إثبات وجود اللفظ في اللغة، أو ضبط نطقه، أو ذكر معناه، أو غير ذلك من النتائج الجزئية التي لا تعمم حكمًا، ولا تبني قاعدة، فلا يفسد هذه الغاية أن تكون القراءة هي النموذج الوحيد المنقول إلينا؛ إذ لم يشترط أحد من اللغويين لحجية النص في مثل هذه الحالة كثرة أو قلة.
وإذا كان جَمْعُ عثمانَ المسلمين على المصحف الإمام قد أزال الفرقة بينهم ووحد كلمتهم، وألزمهم بالصلاة والتعبد بنصوصه - فإنّ ذلك لم يلغ ما سجله المسلمون من قراءات على اعتبار أنها - في أضعف حالاتها - تعد نصوصًا لغوية موثقة، وكلامًا عربيًا فصيحًا. وما خالف رسم المصحف من هذه القراءات لا يخرج - حتى في أدنى درجاته - عن أن يكون من باب التفسير، أو الشرح اللغوي الذي كان يسجله بعض الصحابة القراء أو بعض المتلقين عنهم وإذا كان جمهور العلماء يحظر التعبد بالقراءات التي لم تتوفر فيها الشروط الثلاثة سابقة الذكر، فهناك غايات أخرى كثيرة تُرْوَى من أجلها كُلُّ القراءات وتدرس، وتشرح ويستخرج منها الفوائد اللغوية (?).
يقول الأستاذ الدكتور السيد رزق الطويل: "وكتب النحو حافلة بعشرات القراءات الشاذة يستشهدون بها على قضايا نحوية. وهم على حق فيما فعلوا؛