الكراهات التي لم يألفها "، ويرجع هذه الكراهات إلى ثقل النطق وتنافره مما يدفع الناطق إلى المخالفة أو التصرف بصورة ما، هربا من هذا الذي يكرهه (?).
ويقرر أن وظيفة الهمزة لدى العربي تتمثل في وظيفتين:
أولاهما: الهروب من تتابع الحركات.
وثانيتهما: المبالغة في نبر بعض المقاطع، فيتحول بذلك نبر الطول إلى نبر توتر (?).
فما حدث بين الهمزة وكل من الواو والياء، ما هو إلا نوع من أنواع الهروب من الثقل المتمثل في نطق الهمزة نفسها أحيانا، أو توالي الحركات، وقد يلجأ إلى الهمز رغبة في المبالغة في مقطع معين لغرض دلالي.
ويرى الدارس أن الهمز هو الأصل (?)؛ ومن ثم فهو اللغة الأولى، وتركه لغة ثانية، ولذلك يعده مظهرا من مظاهر التطور اللغوي نحو التخفيف، كما يري أن ميل القبائل المتحضرة المتمثلة في قبائل غرب الجزيرة - وتَتَمَرْكَزُهَا قريشٌ - إلى الهمز راجع إلى اختصار عدد المقاطع الصوتية وانتقال موضع النبر؛ فمثلا كلمة (سأل) تتكون من ثلاثة مقاطع من النوع القصير، والنبر في هذه الحالة على المقطع الثالث من الآخر (س: ص ح)، فإذا ما خفّفنا الهمز اختصرت المقاطع الثلاثة إلى مقطعين: متوسط مفتوح وقصير، وانتقل موضع النبر إلى المقطع قبل الأخير (سا: ص م) (?).
ويمكن إجمال نتائج هذا المبحث فيما يلي:
1 - المعروف أن تحقيق الهمز فيه شيء من الصعوبة؛ لذلك جنح العرب إلى تخفيف الهمز وقد أمدت القراءة القرآنية المعجم العربي بكثير من الشواهد الموثقة التي تمثل كل أشكال التخفيف من حذف، أو إبدال، أو بين بين.