فهذا الأمر مزلة أقدام، ومضلة أفهام، ولا يحسنه ويوفق فيه إلا العلماء العاملون، والعقلاء المجربون، الذين فقهوا الشريعة وعرفوا مقاصدها، وسبروا غور الواقع، وفكروا في عواقب الأمور، فجمعوا في ذلك بين العلم بالشرع، والعلم بالواقع، ومعرفة مآلات الأمور وما تصير إليه.
ومن الأخطاء الكبيرة في هذا الباب: ما نشاهده من بعض الشباب المتحمسين، فإنهم حين يرون المنكرات الكبرى، وكثرتها وشدة انتشارها، وإعلانها والمجاهرة بها، ودعمها وتكريسها من قبل بعض المسئولين والمتنفذين، يشتد غضبهم لله، وتثور عندهم الحمية الدينية، وتغلي دماؤهم في عروقهم، ويعتصر الألم قلوبهم، فلا يطيقون رؤيتها، ولا يرضون بالسكوت عليها، فيهبُّون لتغييرها بالقوة، وربما بشهر السلاح وجمع الأعوان، دون أن يفكروا في عواقب فعلهم، وما يترتب عليه من الأضرار والمفاسد القريبة والبعيدة، التي تضرّ بهم وبغيرهم، بل وبدينهم الذي ينتسبون إليه، وأعمالهم محسوبة عليه.