فلا يجوز أن يؤدي الأمر بالمعروف إلى انتفاء معروف أكبر منه، ولا النهي عن المنكر إلى حصول منكر أنكر منه، وعند تزاحم المصالح، نحصّل أعلاها ولو بتفويت أدناها، وعند تزاحم المفاسد ندفع أعلاها ولو بارتكاب أدناها، فنختار خير الخيرين، وندفع شر الشرين.
ومن الأمثلة التي تكشف هذه الحقيقة: من يعمد إلى مجمع سكني أو تجاري، أو دائرة حكومية، أو شركة خاصة، فينسفه بالمتفجرات، ويقتل من بداخله، بحجة أن فيه كفارًا، أو يُعمل فيه شئ من المنكرات، وكمن يعمد إلى محل لبيع الأغاني الماجنة، أو الأفلام الخالعة، فيحرقه أو يفجره، وهو يعلم أن وراءه سلطة تحرسه، وقانونًا يحميه، فينشأ عن ذلك من المفاسد والمناكر أضعاف أضعاف المنكر الذي قام بتغييره.
وكثير من الفتن والأخطاء الفاحشة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إنما كانت بسبب إهمال هذا الأصل العظيم، وعدم النظر في مآلات الأمور وعواقبها ونهاياتها.