نعم، قد يفلح هؤلاء في تغيير منكر صغير، ولكنهم يتسببون في ضياع أنواع من المعروف كثيرة، وفي جلب أنواع من المنكر أعظم بكثير مما أزالوا، فهم كمن يبني قصرًا ويهدم مصرًا.
فلا يجوز استعمال القوة إلا وفق المصلحة والحكمة، وحيث تكون المصلحة في استعمالها ظاهرة، أما أن يتحول التغيير بالقوة إلى اندفاعات عاطفية غير مدروسة، وانفعالات وقتية غير مستبصرة، وحماس أهوج يورط في أعمال تضر ولا تنفع، فليس هذا من المصلحة في شيء، بل مفسدته راجحة، وضرره ظاهر بيّن.
وإن ما يجره مثل هذا العمل من هتك الحرمات، وتكثير المنكرات، والتسبب في إهانة أهل الخير، وتحجيم الدعوة إلى الله، وانحسار مدّها، وغربة أهلها، وربما قتلهم، وانتهاك خصوصياتهم، ونحو ذلك، أعظم بكثير مما أزاله من المنكر.