واستغلوا جهل ملوك الأستانة ونعرتهم وخلافتهم، وأخذوا يهولون من شأن هذه الحركة الإسلامية الإصلاحية، ويخوفونهم عاقبة انتشارها: أن تقضي على دولتهم، وتأتى على ملكهم من الأساس، وكان ضعف عقولهم وخمود فكرهم في البحث في علوم الدين، وانقيادهم الأعمى لمدعى التصوف قد هيأ مرتعاً خصباً لدعاة السوء، ونافخي بوق الفتنة. فقام كثير من أدعياء العلم في مصر والحجاز والآستانة ينصرون هذه الدعاية السياسية ضد حركة الإصلاح الوهابية السلفية.

62 - وكان لأولئك الأدعياء من سلطان آل عثمان وأنصارهم وشيعتهم ما استعانوا به فأعانهم، على طبع الآلاف المؤلفة من هذه الكتب والرسائل، وتوزيعها على الناس ونشرها في الأمصار الإسلامية، وبذلوا كل جهد في ترويجها بما أوتوا من قوة وسلطان، فلم يلبث العامة الذين لا يعلمون من الدين شيئا إلا تقاليد لا قيمة لها، ولا يعرفون العلم إلا إذا كان من كتاب مطبوع، ولا يقيمون وزنا للقول إلا إذا كان مقدماً له بمقدمة "تأليف العالم العلامة، الحبر البحر الفهامة، القطب الرباني، والفرد الصمداني". وما إلى ذلك من تهاويل تدهش العامي فيخر لها عقله وقلبه ساجدا وهو لا يدري.

63 - ثم ما زالت هذه الدعاية السيئة بالكتب والخطب والدروس: تفعل فعلها وبجانبها قوة السيف والمدفع تحصد في جند السعوديين حصداً، وتطاردهم من بلد ومن واد إلى واد حتى كان من قضاء الله أن خمدت جذوة هذه الدعوة حينا من الدهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015