في الدولة الإسلامية لوجدته على ما ذكرت لك، إلا قليلا لا يذكر بجانب إساءاتهم إلى الإسلام.
38- على أنه يغلب على ظني أنهم ما كانوا يعمدون إلى هذه الإساءات ولا يقصدونها، وإنما كان يقع منهم ذلك عن جهل، وعدم معرفة لنتائجه، فقد كان أكثر علمائهم لا يعرفون من الإسلام إلا قشوراً لاخير فيها، ولا يفقهون من الدين إلا بعض كتب الخلاف والجدل، وما يسمونه بعلم الكلام وفلسفته اليونانية، وكانت عنايتهم بالدين منصرفة إلى زخرفة المساجد وتزويق المصاحف، وتجويد كتابة الدلائل والبردة ونحو ذلك، وكانت فئة أهل الطرق البكتاشية والمولوية والنقشبدنية والرفاعية وغيرها صاحبة السلطان التام النافذ على الملوك فمن دونهم، وحسبك بأبي الهدى الصيادي وسلطانه على السلطان عبد الحميد – دليلا على ذلك، وما تمكنت هذه الطائفة المدعية التصوف من دولة أو بلد أو جماعة إلا ألقت بها في مهاوي التهلكة السيحقة، وقضت على سلطان الإسلام والقرآن فيها بالفناء.
39- وما ظنك بعقلية تعتقد أن سلطانها لا تشتد أواصره، ولا تقوى دعائمه إلا إذا كان شيخ الطريقة البكتاشية أو المولوية هو الذي يتفضل بالباس الملك الجديد والخليفة ما يزعمونه البردة في حفل حاشد من الجمهور والدهماء؟ أي عقلية هذه العقلية؟ وأي تأثير في نفوس الجمهور ينطبع لهذا الشيخ الذي لا يعرف من الدين إلا إتقان رقصة المولوية على الناى والمزمار؟ وأي خلافة هذه الخلافة التي تسمد سلطانها ونفوذها من أولئك المشايخ