35- وملوك العثمانيين إنما كانت خلافتهم الوهمية تعتمد على هذين الحرمين؛ وفخرهم إنما هو بحمايتهما وخدمتهما؛ وأعذب الألقاب في أسماعهم وأضخمها "سلطان البرين والبحرين، وخادم الحرمين الشريفين" ويعتقدون أن جمهور المسلمين لا يقر لهم بهذه السلطة الوهمية في الخلافة إلا بهذه الحماية والخدمة.
36- أما وقد بسط السعوديون سلطانهم على هذه البقاع المقدسة، وقبضوا بأيديهم على مفتاح قلوب المسلمين؛ فهم بهذا يريدون ولا بد منازعة العثمانيين هذه الخلافة، سناد عزهم، وعماد ملكهم؛ وهم لا بد ساعون إليها إما قريباً أو بعيدا، وتمكن هذا الوهم.
37- وما كانت هذه الخلافة العثمانية الضعيفة إلا نكبة على الإسلام والمسلمين؛ لأنها لم تكن في وقت من أوقاتها تعمل على تدعيم بناء الصرح الإسلامي، ولا على تقوية الوشيجة الإسلامية بين المسلمين، بل ما كانت تعمل إلا لإرضاء نعرات سلاطينها وزعمائها، وقضاء مآربهم من الرياسة أو الشهوات، وما كانت فتوحها لأجل نشر الإسلام وتعميم نوره في البلاد التي تفتحها، وإلا لبقي لذلك آثار خالدة كبقية آثار الفتوح الإٍسلامية الأخرى؛ وإنما كانت حروبها في أغلب الأحوال للملك والرياسة فقط، ولذلك فإننا نراها صمّت آذانها عن صراخ المسلمين بالأندلس الذين كانت تصبُّ على رءوسهم صواعق العذاب من المسيحية الظالمة، وما كان نصر الإسلام ودفع المسيحية عن محقه في الأندلس يكلف العثمانيين في ذلك الحين كبير مجهود، لأن دولتهم كانت في أوج قوتها وعزتها، وأنت إذا تتبعت أحداث العثمانيين وأعمالهم