باب الإسناد المجازي (?)، لأن الاضطراب واقعٌ فِيهِ لا مِنْهُ، إذ إنَّهُ اسم مكان، فيظهر فِيهِ اضطراب الرَّاوِي أو الرواة، فَهُوَ عَلَى الحقيقة: مضطرَب -بفتح الراء- وَلَوْ سمي كَذلِكَ لكان أظهر في المَعْنَى الاصطلاحي (?)
والمضطرب من الحَدِيْث اصطلاحاً: هُوَ الذي تَخْتَلِف الرِّوَايَة فِيهِ، فيرويه بعضهم على وجه، وبعضهم عَلَى وجه آخر مخالفٍ لَهُ.
هكذا عرفه الحافظ ابن الصَّلاح (?)، وَقَدْ استدرك عَلَيْهِ الإمام الزَّرْكَشِيّ بقوله: ((قَدْ يخرج مَا لو حصل الاضطراب من راوٍ واحدٍ. وَقَدْ يقال فِيهِ: نبنيه عَلَى دخوله من باب أولى، فإنه أولى بالرد من الاختلاف بَيْنَ راويين)) (?).قُلْتُ: وهَذَا اعتراض متجهٌ، لأن الاضطراب في الأعم الأغلب يحصل من راوٍ واحد، وَهُوَ الَّذِي يوجه الغلط فِيهِ لِمَنْ اضطرب فِيهِ. أما الاضطراب من راويين فَهُوَ أقل، وَكَذَلِكَ قَدْ يوجه الاضطراب لأحد الراويين أو للشيخ، وربما كَانَ قَدْ حدّث بالوجهين.
وللزركشي اعتراض آخر فَقَدْ قَالَ: ((وينبغي أن يقال: (عَلَى وجه يؤثر) ليخرج مَا لَوْ روي الحَدِيْث عن رَجُل مرة، وعن آخر أخرى ...)) (?).
قُلْتُ: وَهُوَ اعتراض متجهٌ أيضاً، لأن لَيْسَ كُلّ اختلاف قادحاً، بَلْ القادح الَّذِي لا يحتمل التوفيق والجمع، بمعنى أن الرَّاوِي لَمْ يضبط الحَدِيْث فَهُوَ وإن كَانَ ثِقَة إلا أَنَّهُ ضَعِيْف في هَذَا الحَدِيْث خَاصَّة.
المطلب الثَّانِي
شرط الاضطراب
سبق أن ذكرت أن لَيْسَ كُلّ اختلاف اضطراباً، بَلْ شرط الاضطراب أمران: