تمهيد
لما كَانَ الاختلاف أمراً وارداً في الحَدِيْث النبوي الشريف؛ وَذَلِكَ للاختلاف في مقدار تيقظ الرواة، وقوة قرائحهم، وَكَذَلِكَ بسبب اختلاف بعضهم عن بَعْض في مدى اهتمامهم بمروياتهم وَكَذَلِكَ أمور أُخْرَى تَكُون أسباباً للاختلاف فرغنا من ذكرها في الفصل الأول. وَقَدْ بينا آنذاك أنَّ الاختلاف يَكُون في المَتْن والسَّنَد فَهُوَ لَيْسَ قاصراً عَلَى المَتْن حسب بَلْ هُوَ يشمل كليهما. لذا رأيت أنْ أذكر في هَذَا الفصل أنواع الاختلافات الَّتِي تَكُون في السَّنَد والمَتْن. وَقَدْ قسمته عَلَى أحد عشر مبحثاً.
المبحث الأول
الاضطراب
الاضطراب: في الحَدِيْث سنداً ومتناً أمرٌ حاصل وواقع بسبب اختلاف المواهب وما إلى غَيْر ذَلِكَ من الأسباب الَّتِي تجعل اضطراباً في المتون والأسانيد، والاضطراب يحصل من راوٍ واحدٍ ويحصل من عدة رواة (?)، والاضطراب يَكُون في الأعم الأغلب في المدارس المتأخرة ويندر جداً في المدارس المتقدمة، وَذَلِكَ أن المدارس المتأخرة من شأنها التعدد زيادة على بعد الزمان وتقاصر الهمم.
المطلب الأول
تعريف المضطرب لغة واصطلاحاً
الحَدِيْث المضطرب (?) أحد أنواع علم الحَدِيْث، والمضطرب: اسم فاعل من اضطَربَ، مأخوذ لغةً من الاضطراب بمعنى: الحركة والاختلاف، يقال: اضطرب الموج، أي: ضرب بعضه بعضاً، فَهُوَ مضطرب.
وأود التنبيه عَلَى أن الشائع تسميته ب ((المضطرِب)) عَلَى وزن اسم الفاعل، هُوَ من