وهذه المسألة أفضل للطالب من حفظ ديوان كامل في الفقه؛ لأن جميع العبادات البدنية لا تصح إلا بتصحيح هذه المسألة في القلب، فافهم ذلك". (?) أ. هـ.

وبهذا يظهر أن الفطرة السليمة قد قطعت: كافة الأسباب الداعية لعبادة أي معبود من دون الله؛ فالمشرك إنما يتخذ معبوده ليجلب به النفع، ويدفع به الضر، وشأن هذا لا يكون إلا فيمن اتصف بخصلة من هذه الأربع:

إما أن يكون مالكاً لما يريده عبده منه، فإن لم يكن مالكاً كان شريكاً للمالك. فإن لم يكن شريكاً كان معيناً له وظهيرا. فإن لم يكن كذلك كان شفيعا عنده بغير إذنه، ولا ترد شفاعته لديه أبداً. ومن المعلوم أن ثبوت أي خصلة من تلك الخصال - فضلا عن جميعها - في نفس مشرك ما لأي واحد من الخلق يكون ذلك تنقصا بالله وربوبيته وألوهيته وتوحيده، وهضماً لهذه الحقوق جميعاً.

والمولى جل في علاه قد جبل القلوب وفطرها على: محبته والإقرار به وإجلاله وتعظيمه مع ثبوت صفات الكمال له، وتنزيهه عن كافة النقائص والعيوب.

وبذلك تكون الفطرة ينبوع التوحيد، والعقل برهانه، وبهما قطعت مواد الشرك وأصوله، وانهار بنيانه القائم على شفا جرف هار.

قال تعالى (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ، وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ) (?).

قال ابن القيم فيها: "فالمشرك إنما يتخذ معبوده لما يعتقد أنه يحصل له به من النفع، والنفع لا يكون إلا ممن فيه خصلة من هذه الأربع:

إما مالك لما يريده عابده منه.

فإن لم يكن مالكا كان شريكا للمالك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015