ظننتم برب العالمين من النقص حتى جعلتم له أنداداً وشركاء" (?) أ. هـ.

وقال ابن القيم: "قال تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (?).

"يحتج" سبحانه عليهم بما في عقولهم من قبح كون مملوك أحدهم شريكاً له، فإذا كان أحدكم يستقبح أن يكون مملوكه شريكه، ولا يرضى بذلك؛ فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء تعبدونهم كعبادتي!؟.

وهذا يبين أن قبح عبادة غير الله تعالى مستقر في العقول والفطر، والسمع نبه العقول وأرشدها إلى معرفة ما أودع فيها من قبح ذلك" (?).

وقال القرطبي: قال بعض العلماء: هذه الآية أصل في الشركة بين المخلوقين لافتقار بعضهم إلى بعض ونفيها عن الله سبحانه، وذلك أنه لما قال جل وعز: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) (?)، فيجب أن يقولوا: ليس عبيدنا شركاءنا فيما رزقتنا فيقال لهم: فكيف يُتصور أن تنزهوا نفوسكم عن مشاركة عبيدكم وتجعلوا عبيدي شركائي في خلقي، فهذا حكم فاسد، وقلة نظر، وعمى قلب! فإذا بطلت الشركة بين العبيد وساداتهم فيما يملكه السادة - والخلق كلهم عبيد الله تعالى - فيبطل أن يكون شيء من العالم شريكا لله تعالى في شيء من أفعاله، فلم يبق إلا أنه واحد يستحيل أن يكون له شريك، إذ الشركة تقتضي المعاونة، ونحن مفتقرون إلى معاونة بعضنا بعضا بالمال والعمل، والقديم الأزلي منزة عن ذلك جل وعز.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015