تَعْبُدُونَ، أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ، فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (?).

أي فما ظنكم أن يجازيكم به إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟ وما ظننتم به حتى عبدتم معه غيره؟ وما ظننتم بأسمائه وصفاته وربوبيته من النقص حتى أحوجكم ذلك إلى عبودية غيره، فلو ظننتم به ما هو أهله من أنه بكل شيء عليم، وهو على كل شيء قدير، وأنه غني عن كل ما سواه، وكل ما سواه فقير إليه، وأنه قائم بالقسط على خلقه، وأنه المنفرد بتدبير خلقه، لا يشركه فيه غيره، والعالم بتفاصيل الأمور فلا يخفى عليه خافية من خلقه، والكافي لهم وحده، فلا يحتاج إلى معين، والرحمن بذاته فلا يحتاج إلى رحمته إلى من يستعطفه، وهذا بخلاف الملوك وغيرهم من الرؤساء؛ فإنهم يحتاجون إلى من يعرفهم أحوال الرعية وحوائجهم، ويعينهم إلى قضاء حوائجهم، وإلى من يسترحمهم ويستعطفهم بالشفاعة، فاحتاجوا إلى الوسائط ضرورة لحاجتهم وضعفهم وعجزهم وقصور علمهم.

فأما القادر على كل شيء، الغني بذاته عن كل شيء، والعالم بكل شيء الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، فإدخال الوسائط بينه وبين خلقه تنقص بحق ربوبيته وإلهيته وتوحيده، وظن به ظن السوء، وهذا يستحيل أن يشرعه لعباده، ويمتنع في العقول والفطر جوازه، وقبحه مستقر في العقول السليمة فوق كل قبيح.

يوضح هذا: أن العابد معظم لمعبوده، متأله له، خاضع ذليل له، والرب تعالى وحده هو الذي يستحق كمال التعظيم والإجلال والتأله والخضوع والذل، وهذا خالص حقه، فمن أقبح الظلم أن يعطى حقه لغيره، أو يشرك بينه وبينه فيه، ولا سيما إذا كان الذي جعل شريكه في حقه عو عبده ومملوكه (?) أ. هـ.

وقال عبد الرحمن السعدي: (فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) أي: وما الذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015