لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (?).
وقد أمر الله عز وجل بالاستغفار والتوبة لكل ناقض لحجج التوحيد ومتعد على سلطانها، وإن كان جاهلاً ولم تأته رسالة، ولا سمع لها بخبر.
قال تعالى (إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) (?).
فلو كان الشرك والظلم والفحشاء: كالمباح المستوي الطرفين والمعفو عنه، وكفعل الصبيان والمجانين، أو لم يثبت لها حكم قبل البيان، ما أمر بالاستغفار والتوبة منها، وما عيّر أصحابها بالافتراء والإفك مع توبيخهم وذمهم عليها، إذ كانت لا حكم لها ولا فرق بينها وبين الطعام والشراب واللهو المباح، ولا توصف بالقبح والسوء والذم إلا بالخبر.
وهذا دليل عزيز وبرهان باهر وحجة ساطعة على أن: حسن التوحيد والعدل والطيبات، وقبح الشرك والظلم والخبائث ثابت في نفس الأمر معلوم بالفطر والعقول، وإلا لزم استواؤها ونفي المرجحات بينها حتى يقوم الخبر بالبيان. وتلك سوءة النفاة التي آلت بهم إلى: المكابرة في الحقائق، وجحد ضروريات المعارف، والطعن في مسلمات العلوم، والسفسطة في أوليات النظر.
* * *