المبحث الأول: بعث الرسل إزاحة لعلل الكفار:

وعلى ضوء هذه المقدمة نعيد قراءة قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (?).

فغير خاف على كل ذي لب بطلان المعاني الآتية:

وما كنا معذبين: فاعلي المباحات حتى نبعث رسولا.

وما كنا معذبين: ذوي الأفعال التي لا حكم لها ولا شيء على فاعلها حتى نبعث رسولا.

وما كنا معذبين: أولي الطاعات حتى نبعث رسولا.

فلم يبق إلا المعنى الذي يقتضيه نظم الآية، وتوجبه مقاصد الشريعة وكليات الأدلة، واستقراء النصوص.

وما كنا معذبين: الكفار أصحاب الذنوب والمعاصي - الناقضين لحجج التوحيد وبينات الهدى حتى نبعث رسولا.

قال الإمام الطبري في قوله تعالى: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً) (?).

(لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) يقول: أرسلت رسلي إلى عبادي مبشرين ومنذرين لئلا يحتج من كفر بي وعبد الأنداد من دوني أو ضل عن سبيلي بأن يقول إن أردت عقابه: (لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى)، فقطع حجة كل مبطل ألحد في توحيده، وخالف أمره بجميع معاني الحجج القاطعة عذره، إعذارا منه بذلك إليهم، لتكون لله الحجة البالغة عليهم، وعلى جميع خلقه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك حدثنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015