الفصل الرابع
آثار حجج التوحيد في مؤاخذة العبيد
بعد استعراض حجج الله سبحانه على أعظم معنى في الوجود والقائم على: إفراد الله بالعبادة والطاعة، مع الكفر بكافة الأرباب والآلهة المغبودة من دونه.
تلك الحجج المتمثلة في: الميثاق والفطرة والعقل مع شهادة الآيات الكونية بصحة موجبها ومقتضاها.
يمكننا الجزم والحزم: بأن الشرك والظلم والفواحش ذنوب وسيئات، ولو لم يأت الخطاب بالنهي عنها، وتقم حجة البلاغ بحرمتها، وما ذلك إلا لقيام تلك الحجج: ببراهين قبحها وتحسين ضدها من: التوحيد والعدل والطيبات.
وقد أسجل الوحي على المشركين مخالفتهم لحجج التوحيد ونقضهم لعهودها ونبذهم للوفاء بها.
ووصم أفعالهم القبيحة بأنها ذنوب وسيئات من قبل أن يقرع آذانهم بحكم من السمع يخالفونه.
وحكم المولى جل في علاه على كل من وقع في عبادة غيره: بالافتراء والإفك والبهتان، ووبخهم على أفعالهم الممقوتة، وطالبهم تعجيزاً وتبكيتاً: بالسلطان والبرهان على دينهم المفترى وعلى صراطهم المعوج.
قال تعالى: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) (?) وقال سبحانه (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ