ولا ينبغي لعاقل أن يدَعَ ما عُلم بالإجماع والنصوص القاطعة أنه إيمان، ويتشاغل بما يحتمل على الأقل أن يكون شركًا.
****
المطلب الثامن
في مصالح الدنيا ومعاملة الناس
ما دام الإنسان في الدنيا فإنه لا غنى به عن تحصيل المال وإصلاح المعيشة، والسعيد مَن أمكنه تحصيل ذلك بكدّ يمينه وعرق جبينه، بدون احتياج إلى إحسان أحدٍ ولا إضرارٍ بأحد، وإذا أمكنه هذا فقد قارب أن يسلم من الناس.
فأما الدين، فينبغي للإنسان أن يكون مُؤْثِرًا لله عزَّ وجلَّ على كلّ شيء، ويحرص على أن يُفْهِم الناس أنه إنما يريد لهم الخير، وأنه لا يريد علوًّا في الأرض ولا فسادًا، ولا فخرًا ولا شهرة، ولا غير ذلك من الأغراض، وإنما همُّه طاعة الله عزَّ وجلَّ، ثم أن ينصفه الناس فلا يظلموه، ولا يحتقروه.
وعليه أن يسعى في مصالح دنياه بالجدّ والصبر والمثابرة في حدود الحلال، وليعلم مع ذلك أن الأمر كله لله عزَّ وجلَّ.
فإذا حصل مطلوبه من نيل الخير، وزوال الضرر، علم أن ذلك من فضل الله عزَّ وجلَّ وكرمه، فشكره على ذلك، وحَرَص على الزيادة من طاعته. وإن خاب مسعاه رأى أن ذلك من فضل الله عزَّ وجلَّ وكرمه (?)؛ فإنه لا يدري