لمّا تنادوا فأغروا بي سراعهم ... بالعيلتين لدى عمرو بن برّاق
لا شيء أسرع مني ليس ذا عذرٍ ... ولا جناح دوين الجوّ خفّاق
أو ذي حيودٍ من الأروى بشاهقةٍ ... وأمّ خشفٍ لدى شثٍّ وطبّاق
حتى نجوت ولمّا يأخذوا سلبي ... بوالهٍ من قنيص الشّدّ غيداق
وقلّةٍ كشباة الرّمح باسقةٍ ... ضحيانةٍ في شهور الصّيف مخراق
بادرت قلتّها صحبي وقد لعبوا ... حتى نميت إليها قبل إشراق
ولا أقول إذا ما خلّةٌ صرمت: ... يا ويح نفسي من جهدي وإشفاقي!
لكنّما عولي إن كنت ذا عولٍ ... على ضروبٍ بحدّ السّيف سبّاق
سبّاق عاديةٍ فكّاك عانيةٍ ... قطّاع أوديةٍ جوّاب آفاق!
وبها جبل رضوى، وهو جبل منيف ذو شعاب وأودية يرى من البعد أخضر، وبه مياه وأشجار كثيرة، زعم الكيسانية أن محمد بن الحنفية مقيم به، وهو حي بين يدي أسد ونمر يحفظانه، وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، ويعود بعد الغيبة يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وهو المهدي المنتظر، وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه على عبد الملك بن مروان، وقلبه على يزيد بن معاوية، وكان السيد الحميري على هذا المذهب، ويقول في أبيات:
ألا قل للوصيّ: فدتك نفسي! ... أطلت بذلك الجبل المقاما
ومن جبل رضوى يقطع حجر المسن ويحمل إلى البلاد.
وبها جبل السراة؛ قال الحازمي: إنها حاجزة بين تهامة واليمن، وهي عظيمة الطول والعرض والامتداد، ولهذا قال الشاعر:
سقوني وقالوا: لا تغنّ! ولو سقوا ... جبال السّراة ما سقيت لغنّت
قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الناس أهل السروات، أولها هذيل ثم