بجيلة ثم الأزد أزد شنوءة. وإنها كثيرة الأهل والعيون والأنهار والأشجار، وبأسفلها أودية تنصب إلى البحر، وكل هذه الجبال تنبت القرظ، وفيها الأعناب وقصب السكر والاسحل، وفيه معدن البرام يحمل منه إلى سائر البلاد.

وبها جبل قنا، وهو جبل عظيم شامخ، سكانه بنو مرة من فزارة وحظ صاحبة قنا مشهور؛ قال الشاعر:

أصبت ببرّةٍ خيراً كثيراً ... كأخت قنا به من شعر شاعر

وهو ما ذكر أن نصيباً الشاعر اجتاز بقنا، ووقف على باب يستسقي، فخرجت إليه جارية بلبن أو ماء وسقته، وقالت له: شبب بي! فقال لها: ما اسمك؟ قالت: هند. فأنشأ يقول:

أحبّ قناً من حبّ هندٍ ولم أكن ... أبالي أقرباً زاده الله أم بعدا؟

أروني قناً أنظر إليه فإنّني ... أحبّ قناً إنّي رأيت به هندا!

فشاع هذا الشعر وخطبت الجارية وأصابت خيراً بسبب شعر نصيب.

وبها جبل يسوم في بلاد هذيل قرب مكة، لا يكاد أحد يرتقيه ولا ينبت غير النبع والشوحط، تأوي إليه قرود تفسد قصب السكر في جبال السراة، وأهل جبال السراة من تلك القرود في بلاء وشدة عظيمة، لا يمكنهم دفعها لأن مساكنها لا تنال.

وفي الأمثال: الله أعلم بمن حطها عن رأس يسوم؛ قيل: إن رجلاً نذر ذبح شاة، فمر بيسوم فرأى فيه راعياً فاشترى منه شاةً وأنزلها من الجبل، وأمر الراعي بذبحها وتفريقها عنه وولى. فقيل له: إن الراعي يذبحها لنفسه! فقال: الله اعلم بمن حطها عن رأس يسوم.

وبها عين ضارج، عين في برية مهلكة بين اليمن والحجاز في موضع لا مطمع للماء فيه. حدث إبراهيم بن إسحاق الموصلي أن قوماً من اليمن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015