بأن يروك ماضيًا في الحال … وواقفًا تندب في الأطلال
وعاكفًا في الدِّمن البوالي … تبكي على عمارها الخوالي
منتصرًا لعصبة جهّال … صيرها الظلم إلى الزوال
يا سوءَ حظ اليمن المحلال … وشؤمَها إن انبرت للفال
وبخسها في الوزن والمكيال … وغبنَها في الحال والمآل
أن كان مثل فاضل الجمالي … في علمه وعقله الصوّال
وروحه وفكره الجوّال … يأسى على طاغوتها المزال
من شدّها بأوثق الأحبال … وسامها بالقهر والإذلال
وسامها بالفقر والإقلال … وراضها بالسجن والأغلال
وعهدها وهو عليها الوالي … أدهى من الطاعون والزلزال
فكم رأت فيه من الأهوال … والنُّوَب الفظيعة الثقال
والكُرَب الكثيرة الأشكال … والعُقَد العويصة الإشكال
ومن وباء سيط بالوبال … ومن خباء نيط بالخبال
وعاد من فظاعة الأحوال … عهد "سَبَا" في سالف الأحوال
أضحت بنوه من فساد الحال … والظلم من إمامها الدجّال
عطشى وماء النهر كالجريال … منهمر بعذبه السلسال
جائعةً والقوت كالرمال … فقيرةً وهي ركاز المال
عاريةً حتى من الأسمال … والحوكُ في جدودها الأوالي
قد كان فيهم مضرب الأمثال … عزلاء حتى من عصيّ الضال
والسيف فيها أحد الأنجال … شقيةً بالظلم والنكال
والسعد قد كان على الأجيال … وسْمًا لَها وشارة احتيال
وتُربُها قد ثار عن غلال … وعن جنًى غض وعن ظلال
وماؤها ينساب كالصلال … بين الصخور الشم والتلال
من هم غيوث البذل في النوال … وهم ليوث الغاب في الصيال
في النسب العد الصميم العالي … والحسب العريق في الجلال
ما لكِ يا مُنْبِتة اللآلي … والحجر الحرّ الكريم الغالي
ما لك يا منتجة الأبطال … ذوي الحفاظ المر والفعال
ما لك يا مزرعة الغوالي … عزت عن الأشباه والأمثال
ما لك يا منبتة العوالي … من الرماح الذبل الطوال
أصبحت فى جدب وفي امحال … جرداء مثل الغادة المعطال
وصرت بعد الحسن والجمال … شَوْهاء مثل البائر المتفال