وقد بيَّن في مذكراته إلى جامعة الدول العربية أن غاية الجمعية "هي تحرير الشعب الجزائري" (7)، و"أنها بدأت بتحرير العقول تمهيدًا للتحرير النهائي" (8)، وأنها "تربيه لا على المطالبة بحقه؛ بل أخذ حقه بيده" (9)، وذكَّر هذه الجامعة بأنها "ملزمة- بروح ميثاقها- أن تحرر كل عربي بالمستطاع من وسائلها" (10)، وأنها "إذا كانت لا تستطيع تحرير الجزائر عسكريًا لاستحالة ذلك في الوقت الحاضر، فلا أقل من أن تعاوننا بالحظ الأوفر على تحرير العقول" (11)، مع مطالبة "حكوماتنا العربية أن تقف موقف الحزم والصلابة من فرنسا المتعنتة" (12)، وفي هذا الإطار يندرج اجتماعه باللجنة السياسية لجامعة الدول العربية وطلبه منها "أن تُعْنى عناية خاصة بالقضية الجزائرية، وتساعد الشعب الجزائري على الحصول على حقه في تقرير مصيره" (83).
والذي أراه هو أنه ما مَنعَ الإمام الإبراهيمي من إبراز هذا الجانب السياسي في سفارته، والتركيز عليه في كتاباته في الصحف والمجلات، وفي ندواته الصحفية، وأحاديثه الإذاعية، وخطبه الجماهيرية، إلا خشيته من انتقام فرنسا من مدارس جمعية العلماء بإغلاقها، وبطشها بمعلمي الجمعية بسجنهم، ونتيجة ذلك كله حرمان آلاف التلاميذ، وضمهم إلى أضعاف أضعافهم المشردين في الشوارع. أما في المجالس الخاصة فكان حديثه "عن استقلال الجزائر وتحريرها من نير الاستعمار" (14).
لم يُنْس الإمامَ الإبراهيمي همُّ وطنه همومَ أشقائه في المغرب وتونس، فبعث برقيات احتجاج وتنديد إلى المسؤولين الفرنسيين على موقفهم تجاه السلطان الشرعي للمغرب محمد الخامس، الذي بعث إليه برقية يذكِّرُه فيها "أن التفريط- في الأمانة- خيانة لله وللوطن والتاريخ" (15)، وطالب الجامعة العربية "اتخاذ موقف أسرع وأجرأ وأحزم" (16)، كما أثار القضية التونسية- في رحلته إلى باكستان- مع وزير خارجيتها، وخصها بكلام مؤثر في مؤتمره الصحفي هناك (17).