ولا أدل على وجود روح الحياة في الأمة وشعورها بنفسها ورغبتها في التقدم من أخذها بأسباب التعليم: التعليم الذي ينشر فيها الحياة ويبعثها على العمل ويسمو بشخصيتها في سلم الرقي الإنساني ويظهر كيانها بين الأمم. وقد تأسست في السنة الماضية جمعيات وفتحت مكاتب وتأسست نوادي ونهض المصلحون في العاصمة بابي النوادي كلها، نادي الترقي، نهضة جديدة إصلاحية خالصة. وطلبت عدة جهات معلمين للمساجد غير الحكومية واشتريت بتلمسان وقسنطينة وميلة دور للتعليم وتزايد عدد الوافدين من الطلاب على الجامع الأخضر وعلى جامع الزيتونة وعلى الجهات التي فيها دروس منتظمة.
وهذا والمساجد ما تزال مغلقة في وجوه العلماء ورخص التعليم الحر ما تزال غير معطاة لهم ولولا ذلك لكانت النهضه العلمية أكثر بكثير مما كانت.
بقدر ما كان تمسك الأمة بأسباب العلم كان رفضها للجمود والخمود والخرافات والأوضاع الطرقية المتحدرة للفناء والزوال حتى أصبح القطر الجزائري كله يكاد لا تخلو بيت من بيوته ممن يدعو إلى الإصلاح وينكر الجمود والخرافة ومظاهر الشرك القولي والعملي وأصبحت البدع والضلالات تجد في عامة الناس من يقاومها وينتصر عليها.
ومن أجمل مظاهر انتشار الإصلاح وانتصاره أن خصومه بعد ما كانوا يقاومون ما يدعو إليه من نشر التعليم بالعرقلة والتزهيد أصبحوا لا يستطيعون أن يظهروا للأمة إلا بمظهر المعلمين. فهم لأجل