كل من آمن بمحمد- صلى الله عليه وآله وسلم- فهو مأمور بتبليغ رسالته على الخصوص والعموم، لمقتضى ما نطالب به من التأسي والاقتداء به - صلى الله عليه وآله وسلم- ولقوله تعالى:
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}.
فجعل من اتبعه داعيا معه إلى الله على بصيرة.
ولقد عرف السلف هذا فكانوا دعاة إلى الله بأقوالهم وأعمالهم المطابقة لها، حتى انتشر الإسلام في أقل من ربع قرن في المعمور. أما نحن فقد قصرنا في هذا الواجب غاية التقصير، فتركنا تبليغ الدين إلى الأمم، حتى لنخشى أن يكون من أوزارنا بقاء الأمم الضالة على ضلالها لتقصيرنا في التبليغ إليها. وأكبر من هذا تقصيرنا في تبليغ الدين إلى أنفسنا بإهمالنا جانب التعليم الديني والوعظ والإرشاد.
واليوم وقد عرفنا كيف بلغ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- رسالة ربه، فلنعقد العزم على الاجتهاد في التبليغ، ولنبدأ بأهلينا ومن إلينا، ولنفكر ثم لنعمل في تبليغ الدين كما جاء به النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى أمة الإجابة وأمة الدعوة. وليكن تفكيرنا في هذا واهتمامنا به ثمرة إحيائنا لهذه الذكرى الكريمة، وعلمنا بهذا النزر من حياة ذلك النبي الكريم، ولنا- بعد عون الله تعالى- من الإيمان والمحبة فيه ما يعيننا على ذلك ويقوي أملنا فيه ويبلغنا إليه.
أيها السادة قد عدنا من هذه الذكرى بمسألة تبليغ الرسالة، وعدنا بأمل تبليغ الهداية، وقد انبثق من هذه الذكرى في صدورنا نور،