العرب إذا دعا الرجل بياصباحاه اجتمحت إليه عشيرته. فاجتمعت إليه عشيرته، فاجتمعت إليه قريش عن بكرة أبيها، فقال لهم: أرايتكم لو أخبرتهم أن خيلا تخرج من سفح الجبل وأن العدو مصبحكم أو ممسيكم، كنتم مصدقين؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. ثم قال: يا آل كعب بن لؤي، يا آل مرة ابن لؤي، يا آل قصي، يا آل عبد شمس، يا آل عبد مناف، يا آل هشم، يا آل عبد الطلب، يا صفية أم الزبير- وهي عمته- يا فاطمة بنت محمد. أنقذوا أنفسهم من النار إني لا أملك لكم من الله شيئا.
فكانت هذه دعوته العامة لقومه من قريش.
ثم كان أمره بأن ينذر العرب خارج مكة بمثل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا}.
فكان يعرض نفسه على قبائل العرب في مواسم الحج إلى أن كانت بيعة العقبة وإيمان الأنصار.
ثم أمر بالتبليغ العام بمثل قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}.
فكاتب الملوك خارج جزيرة العرب كسرى وقيصر والقوقس وغيرهم.
وقد بلغ من جاء بعده من الأمم بما ترك لهم من كتاب الله لقوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}.
أي لأنذركم بالقرآن وأنذر من بلغ القرآن فعم ذلك كله من بلغه.