بالضر وتمني الْمَوْت لأَجله وَله تَعَالَى إيلام الْأَطْفَال وَالدَّوَاب لأَنهم ملكه يتَصَرَّف فيهم كَيفَ يَشَاء وَلَيْسَ يُصِيب الْمُؤمن من وصب وَلَا نصب حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر بهَا من خطاياه أَو رفع بهَا دَرَجَات كَمَا صَحَّ بذلك الحَدِيث
حَده كَمَا قَالَ الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَجْرِيد الْقلب لله تَعَالَى واحتقار مَا سواهُ وَلذَلِك سمي بِهِ أخذا من الصفاء لتصفيته للقلوب كَمَا قيل
(وَلَيْسَ يشهر بالصوفي غير فني ... صافي فصوفي حَتَّى سمي الصُّوفِي)
وحددته دون علمه بِخِلَاف الْعُلُوم السَّابِقَة لِأَن صَاحبه أحْوج إِلَى حَده مِنْهُ إِلَى حد علمه لعدم اعتنائه بذلك الَّذِي هُوَ شَأْن المدققين فِي الظَّوَاهِر إِذا عرفت الْمَقْصُود من التصوف فراقب الله تَعَالَى فِي جَمِيع حالاتك أَي اتقه بِحَيْثُ إِنَّك تراقبه أَي تنظر إِلَيْهِ فَإنَّك أَن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك وَذَلِكَ بِأَن تبدأ بِفعل الْفَرَائِض الَّتِي افترضها عَلَيْك وَترك الْمُحرمَات عَلَيْك كبيرها وصغيرها ثمَّ بِفعل النَّوَافِل وَترك المكروهات فَفِي التحديث عَن الله تَعَالَى
مَا تقرب إِلَيّ عَبدِي بِشَيْء أحب إِلَيّ مِمَّا افترضته عَلَيْهِ وَمَا يزَال عَبدِي يتَقرَّب إِلَيّ بالنوافل حَتَّى أحبه فَإِذا أحببته كنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ وبصره الَّذِي يبصر بِهِ وَيَده الَّتِي يبطش بهَا وَرجله الَّتِي يمشي بهَا وَلَئِن سَأَلَني لأعطينه وَلَئِن استعاذ بِي لأعيذنه رَوَاهُ البُخَارِيّ وَليكن اهتمامك بترك الْمنْهِي أَشد من فعل الْمَأْمُور لِأَن الأول كف وَهُوَ أسهل من الْفِعْل وَمن قَوَاعِد الشَّرْع أَن دَرْء الْمَفَاسِد أولى من جلب الْمصَالح وَلِهَذَا قيل إِن لم تطق أَن تعبد الله فَلَا تعصه
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
مَا نَهَيْتُكُمْ عَنهُ فَاجْتَنبُوهُ وَمَا أَمرتكُم بِهِ فافعلوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم علق الْمَأْمُور على الإستطاعة دون الْمنْهِي لسُهُولَة الاجتناب لَكِن فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ من حَدِيثه
إِذا أَمرتكُم بِشَيْء فائتوه وَإِذا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْء فَاجْتَنبُوهُ مَا اسْتَطَعْتُم وَعِنْدِي أَن هَذِه الرِّوَايَة مَقْلُوبَة وَرِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ أثبت