ومثاله للتَّأْكِيد {لَا ريب فِيهِ} فَإِنَّهُ لما بولغ فِي وصف الْكتاب بُلُوغه الدرجَة القصوى فِي الْكَمَال بِجعْل الْمُبْتَدَأ ذَلِك وتعريف الْخَبَر بِاللَّامِ جَازَ أَن يتَوَهَّم السَّامع قبل التَّأَمُّل أَنه مِمَّا يَرْمِي بِهِ جزَافا فَاتبعهُ نفيا لذَلِك فَهُوَ وزان نَفسه فِي جَاءَ زيد نَفسه وَقَوله تَعَالَى {هدى لِلْمُتقين} فَإِن مَعْنَاهُ أَنه فِي الْهِدَايَة بَالغ دَرَجَة لَا يدْرك كنهها حَتَّى كَأَنَّهُ هِدَايَة مَحْضَة وَذَلِكَ معنى ذَلِك الْكتاب لِأَن مَعْنَاهُ الْكتاب الْكَامِل أَي فِي الْهِدَايَة فَهُوَ وزان زيد الثَّانِي فِي جَاءَ زيد زيد ومثاله للبدل أمدكم بِمَا تعلمُونَ أمدكم بأنعام وبنين إِلَى آخِره فَالْمُرَاد التَّنْبِيه على النعم وَالثَّانِي أوفى بتأديته لدلالته عَلَيْهَا بالتفصيل من غير إِحَالَة على علم المخاطبين المعاندين فَهُوَ وزان وَجهه فِي أعجبني زيد وَجهه ومثاله للْبَيَان فوسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان قَالَ يَا آدم إِلَى آخِره فَهُوَ وزان عمر فِي أقسم بِاللَّه أَبُو حَفْص عمر ومثاله لشبه الإنقطاع قَوْله
(وتظن سلمى أنني أبغي بهَا ... بَدَلا أَرَاهَا فِي الضلال تهيم)
لَو عطف أَرَاهَا على تظن لتوهم أَنه مَعْطُوف على أبغي
ومثاله لشبه الإتصال قَالَ لي كَيفَ أَنْت قلت عليل كَأَنَّهُ قيل مَا سَبَب علتك فَقَالَ سهر دَائِم وحزن طَوِيل
وَمِثَال الْوَصْل مَعَ كَمَال الإنقطاع للإيهام قَول الدَّاعِي لَا وأيدك الله فَلَو حذف الْوَاو لأوهم أَنه دُعَاء عَلَيْهِ ومثاله لغير ذَلِك {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم وَإِن الْفجار لفي جحيم}
وَمن محسناته أَي الْوَصْل تناسب الجملتين فِي الفعلية والإسمية فَإِن عطف الْفِعْل على مثله والإسم على مثله أولى وَعند التخالف الْفَصْل أولى وَلِهَذَا رجح النصب فِي بَاب الِاشْتِغَال فِي نَحْو ضربت زيدا وعمرا أكرمته ليَكُون من عطف الفعلية على مثلهَا واستوى هُوَ وَالرَّفْع فِي نَحْو هِنْد أكرمتها وَزيد ضَربته عِنْدهَا لِإِمْكَان الْأَمريْنِ وَمثله تناسب الفعلية فِي الْمُضِيّ والمضارعة