أَن المُرَاد الْبَعْض وَبَيَانه أَي اتِّبَاعه بعطف بَيَان للإيضاح باسم مُخْتَصّ بِهِ نَحْو أقسم بِاللَّه أَبُو حَفْص عمر وَقدم صديقك خَالِد وإبداله أَي الْإِبْدَال مِنْهُ لزِيَادَة التَّقْرِير نَحْو جَاءَ زيد أَخُوك وَجَاءَنِي الْقَوْم أَكْثَرهم وسلب زيد ثَوْبه لما فِيهِ من ذكر الْمَحْكُوم عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ صَرِيحًا فِي الأول وإجمالا فِي الآخرين
وَعطفه أَي إتباعه بعطف النسق للتفصيل للمسند إِلَيْهِ أَو الْمسند بِاخْتِصَار نَحْو جَاءَ زيد وَعَمْرو فَهُوَ أخصر من وَجَاء عمر وَزيد قَائِم وقاعد أَو رد للسامع عَن الْخَطَأ إِلَى صَوَاب نَحْو جَاءَ زيد لَا عَمْرو لمن يعْتَقد أَن عمرا جَاءَ دون زيد أَو صرف الحكم عَن الْمَحْكُوم عَلَيْهِ إِلَى آخر نَحْو جَاءَ زيد بل عَمْرو أَو شكّ من الْمُتَكَلّم أَو تشكيك للسامع أَي إِيقَاعه فِي الشَّك نَحْو جَاءَ زيد أَو عَمْرو وفصله أَي الْإِتْيَان بعده بضمير الْفَصْل للتخصيص أَي تَخْصِيص الْمسند إِلَيْهِ بالمسند نَحْو {إِن الله هُوَ الرَّزَّاق} أَي لَا غَيره وتقديمه على الْمسند للْأَصْل وَلَا عدُول أَي لَا مُقْتَضى لَهُ أَو تَمْكِين للْخَبَر فِي الذِّهْن بِأَن كَانَ فِي الْمُبْتَدَأ تشويق إِلَيْهِ نَحْو
(وَالَّذِي حارت الْبَريَّة فِيهِ ... حَيَوَان مستحدث من جماد)
أَو تَعْجِيل مَسَرَّة نَحْو سعد فِي دَارك أَو تَعْجِيل مساءة نَحْو السفاح فِي دَارك وتأخيره لاقْتِضَاء الْمقَام لَهُ بِأَن اقْتضى تَقْدِيم الْمسند وَسَيَأْتِي وَقد يُخَالف مَا تقدم فَيُوضَع الْمُضمر مَوضِع الظَّاهِر نَحْو هُوَ زيد قَائِم أَو هِيَ زيد مَكَان الشَّأْن أَو الْقِصَّة ليتَمَكَّن مَا بعده فِي ذهن السَّامع وَعَكسه لزِيَادَة التَّمْكِين فِي غير الْإِشَارَة نَحْو {قل هُوَ الله أحد الله الصَّمد} والإجلال نَحْو أَمِير الْمُؤمنِينَ يَأْمُرك بِكَذَا مَكَان أَنا أَو لكَمَال الْعِنَايَة بتمييزه فِيهَا لاختصاصه بِحكم بديع كَقَوْلِه أَي قَول ابْن الراوندي
(كم عَاقل عَاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جَاهِل تَلقاهُ مرزوقا)
(هَذَا الَّذِي ترك الأوهام حائرة ... وصير الْعَالم التَّحْرِير زنديقا)