سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف، وكان يسكن برأس الجنان قرب حومة العيون. ويذكرون عنه أنه جعل رصدا لنظيره وضده في هذا الملحون في وقته ابن ريسون الذي نذكره بعده حتى أجلسه بحانوت قريبة من حومة النخالين كان لا يخرج منها.
كنت أمر عليه وأنا صغير السن فأنظر إليه وهو جالس بها في بعض الأحيان يتمايل ويترنم في صوت خافت، وبقي على تلك الحالة إلى أن توفي، والحانوت هي التي تقابل وجه الطالع من النخالين إلى ضريح الشيخ المليلي.
وفيها توفي الشيخ محمد ابن ريسون، لعله من أولاد ابن ريسون العوامّ الذين هم أيضا بفاس لم أتحقق الآن باسم أبيه ولا نسبه. كان من أشياخ الملحون، ونظمه في ذلك من أعلى طبقة، ويذكر أصحاب هذا الفن أنه وقع له خصام مع نظيره الحاج أحمد الغرابلي المذكور قبله فأنشأ فيه قصيدة من الملحون جعل له فيها رصدا ألزمه الجلوس في حانوت قرب النخالين فكان لا يخرج منها كما ذكر، ولم أعتن بوفاته، يسّر الله من يذكر ذلك.
في هذه العشرة أو قريب منها توفي إديس بن محمد بن الغالي العدلوني أصلا الكتاني طريقة، له النجوم الزاهرة والجواهر الفاخرة في أهل السنة النبوية الطاهرة، أوله: الحمد لله رب العالمين بجميع محامده عليها الخ فرغ منه في خامس عشر ربيع الأول عام أربعة وثلاثين وثلاثمائة وألف، وقفت عليه، وهو في الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني الحسني المار الوفاة سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف.
وفي هذه العشرة أو قريب منها توفي المختار بن محمد الرغاي، وهو من البعثة الأولى التي أرسلها المولى الحسن لأجل التعلّم في أوربا، فتعلم علم الهندسة ولكن بقي مهملا إلى أن توفي.
وفي هذه العشرة توفي المختار بن المدني بن عبد الصادق الصويري، الفقيه العلامة المشارك المدرس، كذا كتب له الشيخ محمد بن سعيد الصديقي وذكر لي أنه من أشياخه لكنه لم يحافظ على وفاته.
وفي هذه العشرة أو قريب منها توفي الشيخ محمد العتابي، عالم متخرج من القرويين، حج عام أحد وثلاثين وثلاثمائة وألف ودخل الآستانه بعد سنتين واتصل بالخليفة رشاد الخامس، ثم سافر إلى ألمانيا وانضم إلى رجال المؤتمر الإسلامي ومثل المغرب في هذا المؤتمر مع الأمير شكيب أرسلان، وأصدرت السلطة الفرنسية أمرها بمنعه من الدخول إلى المغرب ومصادرة أملاكه. وقد طلب من المؤتمر الإسلامي بأن يصوت على استقلال المغرب وردّ شنقيط إلى المغرب الأقصى، واستقر أخيرا بمصر في عهد مراد الأول. انتهى من بعض التقاييد.