فصلى فيها ليالي فصلى بصلاته ناس من أصحابه فلما علم بهم جعل يقعد فخرج عليهم فقال قد عرفت الذي رأيته من صنيعكم فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. متفق عليه ويستثنى ركعتي الإحرام ففي زيارة الروضة هناك قال أصحابنا: إذا كان في الميقات مسجد استحب أن يصليهما فيه. وأما تضاعف الحسنات والسيئات.
والمراد بتضعيف السيئات فدليله حديث ابن عمر السابق في قوله لنافع يا نافع اخرج بنا من هذا البيت وكان بيت المقدس، فإن السيئات تضاعف فيه كما تضاعف الحسنات وحديث كعب السابق وهو إنه إذا خرج من حمص يريد الصلاة في مسجد إيليا إلى آخره. وهو قوله: أنا أحب أن لا يكون مني إلا حسنات حتى أنصرف واعلم أن الحافظ أبا محمد القاسم حكى عن المشرف له قال عقب كلام كعب وغيره: الخطيئة فيه كألف خطيئة ونحو ذلك معناه أن من اقترف ذنبا في بيت المقدس أو في الحرم أو في مسجد الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- أعظم عقوبة ممن اقترف ذلك في غيرهم بشرفهم وفضلهم فالذنب الواحد في أحدهم أعظم من ذنوب كثيرة في غيرهم من المواضع فيكون "المكتب" لذنب واحد في إحدى هذه المواضع كالمكتب "لذنوب كثير في غيرها فلذلك قال: تضاعف فيه السيئات ومعناه تغلظ عقوبتها، إلا أن الإنسان يعمل ذنبا فيكتب عليه عشرة واللَّه تعالى يقول: "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها".
وقد غلظ الفقهاء الدية على من قتل في الحرم ومن قتل ذا رحم لحرمتهم وعظم محلهم وقد قال اللَّه تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25]، لا يرى إلا من رأى المعاصي